والششتري وابن عربي، وابن الفارض، وابن سبعين وآخرين ذكره بذلك أبو حيان. والظن بهم البراءة مما رموا به، ولكن ضاقت بهم العبارة عن حقائق صريح العلم، فأدت بظاهرة ما يتوهم أنه برآء منه. هذا معتقدنا فيهم وعند الله الموعد. ا. هـ.
وقال ابن خلدون: إن سلفهم كانوا مخالطين الإسماعيلية من الرافضة الدائنين بإلهية الأئمة وبالحلول، فظهر في كلام المتصوفة القول بالقطب، أي رأس العارفين الذي لا يساويه أحد، ويورث مقامه لعارف آخر، وقد أنكر ذلك ابن سينا في كتاب "الإشارات" وقال: جل أن يكون جناب الحق شرعة لكل وارد، أو يطلع عليه إلا الواحد بعد الواحد، ولا دليل على معتقدهم، وإنما هو بعينه ما تقوله الرافضة في الإمام المعصوم، ثم قالوا بترتيب وجود الأبدال بعد القطب كما قال الرافضة في النقباء حتى إنهم لما أسندوا لباس الخرقة الذي جعلوه أصلا لطريقتهم، رفعوه إلى علي كرم الله وجهه، وفيه من الإشارة واقتفاء أثر الرفض ما لا يخفى، وإلا فعلي لم يختص من بين الصحابة بطريقة في لباس ولا حال، والصحابة كلهم أسوة في الزهد والمجاهدة، ومثله ما ملئوا به كتبهم عن الفاطمي ولم يكن في كلام الصوفية المتقدمين، وإنما هو عن الرافضة. ا. هـ. بخ لكن الأبدال وعدهم أربعون وارد في بعض أحاديث ذكرها في "المواهب" وشرحها ومجموعها يفيد أن لذلك أصلا في الجملة عن النبي -صلى الله عليه وسلم١.
أما وجود قطب يتصرف في الأكوان مقيد بشورى جمع يصرف الأوامر في ديوان، فلم نقف على أصله في السنة النبوية ولا ورد عن الصحابة والتابعين، ولعله خيال لبعض الإمامية أو الصوفية ينبهون بتمثيل روايته أفكار المسلمين في تلكم الأعصر إلى نظام ينبغي أن تكون عليه الحكومات الإسلامية، والله مستبد بملكه غني عن الشورى، وعمن يتصرف له في مملكته، بل قلوب الخلائق وخطراتهم في قبضته لا يسأل عما يفعل وهم يسألون. وقد أوسعنا الكلام في ذلك في كتابنا "برهان الحق" فانظره.