هو الحسن بن العربي بن محمد بن أبي يعزى بن عبد السلام بن الحسن الحجوي الثعالبي الجعفري الزينبي التازي مولدا الفاسي دارا وقرارا ووفاة، والدي وعمدتي، وأول شيخ أخذت عنه أول مسألة فقهية، وغذاني بمعارفه، وأسبغ علي برد مطارفه، كما أخذت عنه السير والتاريخ كثيرا وغيرها، وبأدبه تأدبت، وتحت شعاع نوره أدلجت، فلم لو أذكر ترجمته، لكان من إضاعة الحقوق، القريب من العقوق، لكني أختصر، وعلى بعض ما علمت سعد أقتصر، وإلا فلا سبيل أن أوفيه حقه، ولا أذكر إلا ما تيقنت صدقه.
نسبه تقدم لنا الكلام عليه في ترجمة أبي زيد عبد الرحمن الثعالبي، دفين الجزائر وأبي بكر الحجوي دفين القنادسة قريبا، نشأ في ظلال والده مترددا بين مصادر العلم وموارده، من نعمة يتفيؤ وارفها، إلى طهارة يسحب مطارفها، وأبوه كجدوده قطب بلده الذي عليه مدارها، ومقام حجها واعتمارها، فسلك للعلم الحزون والسهول، وبز في حداثته الكهول إلى أن تحلى بكل كمال، وبلغ ما تقصر عنه الرجال، من علم وفضل وتقوى، ومكارم طابق سرها النجوى، ونفس زكية سهلة، تريك كامل السراوة لأول وهلة، ما شئت من أخلاق محمدية زلال، وخلال آمنة من الاختلال، يتمنى رقتها النسيم، وسماحة متلقاة دعواها بالتسليم، شهير الإيثار، بعيد عن جمع الاستكثار، محب للمساكين، وآل البيت الطيبين، والعلماء العاملين، مع صحبة الصالحين، وعبادة المخلصين، وإنابة المخبتين، سليم الباطن، مغض عن الأعراض الموجبة للضغائن، متفق على فضله من القاطن والظاعن، صادق اللهجة، دائم البشر، واسع الصدر، ثاقب الفكر، وإنه لحسنة من حسنات الدهر، متواصل الأحزان على أحوال المسلمين المتأخرة في هذه الأزمان، ناصح لكل من اجتمع به منهم، دال على الخير، متمسك لأثر السلف الصالح عملا واعتقادا، لا ينام من الليل إلا قليلا، ولكمال سيرته، وصفاء سريرته، ومطابقة سره لعلانيته، رزق فراسة صادقة ينظر فيها بنور الله، ودعاء مستجابا شأن كل أواه يعرف ذلك من أحواله كثيرون ممن كانوا ينتابون