للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصمعي: الصواب أن يقال:

بين الدخول وحومل بالواو (١)

واخصص بها عطف الذي لا يغني … متبوعه كـ"اصطف هذا و ابني"

أي اخصص الواو -من بين حروف العطف- بأن يعطف بها، حيث لا يكتفي بالمعطوف عليه في تحقيق معنى العامل؛ كالمثال الذي ذكره الناظم؛ فإن الاصطفاف يتطلب أكثر من واحد.

(١) لأن البينية لا يتحقق معناها بواحد. ولا يعطف فيها بالفاء؛ لأن الفاء تدل على الترتيب، وهذا بعض بيت من الطويل، لامرئ القيس بن حجر الكندي، وهو مطلع معلقته وأوله:

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل … بسقط اللوى. . . . . . . . . . .

اللغة والإعراب: قفا: فعل أمر من الوقوف، والألف فيه للاثنين. وقيل منقلبة عن نون التوكيد الخفيفة، والمخاطب واحد، وعوملت الكلمة في الوصل، كما تعامل في الوقف. ذكرى: مصدر بمعنى التذكر. سقط اللوى: السقط -بتثليث السين وسكون القاف- منقطع الرمل حيث يستدق طرفه، واللوى: رمل يتلوى وينحني، الدخول: اسم موضع، وكذلك حومل. "نبك" فعل مضارع مجزوم في جواب الأمر. "من ذكرى" متعلق بنبك. "حبيب" مضاف إليه. "بسقط اللوى" بسقط جار ومجرور، واللوى مضاف إليه متعلق بمحذوف، صفة لمنزل. "بين الدخول" بين ظرف مكان، والدخول مضاف إليه، صفة ثانية. "فحومل" معطوف على الدخول.

المعنى: قفا يا صاحبي وشاركاني في البكاء وإرسال الدموع؛ من أجل تذكر حبيب كان يقيم هنا، ومنزل كان عامرا به، بين هذين الموضعين.

الشاهد: في قوله: "بين الدخول وحومل"؛ فإن "بين" لا تضاف إلا إلى متعدد والفاء تدل على الترتيب من غير مهملة؛ فالبينية غير متحققة هنا؛ وإنما تتحقق بالعطف بالواو التي تدل على اشتراك العاطف والمعطوف معا دفعة واحدة في مدلول العامل؛ ولهذا خطأ الأصمعي امرأ القيس. وقد عني العلماء بتصحيح قول امرئ القيس، كما بين ذلك المصنف.


* "عطف" مفعول اخصص. "الذي" مضاف إليه. "لا يغني متبوعه" الجملة من الفعل المنفي ونائب فاعله صلة الذي. "هذا" فاعل اصطف. "وابني" معطوف على "هذا".

<<  <  ج: ص:  >  >>