للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الفاء: فللترتيب (١) والتعقيب (٢)؛ نحو: ﴿أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ﴾ (٣).

وكثيراً ما تقتضي أيضاً التسبب (٤)، إن كان المعطوف جملة (٥)؛ نحو: ﴿فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ﴾.

واعترض على الأول (٦) بقوله تعالى: ﴿أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا﴾ (٧).

ونحو "توضأ فغسل وجه ويديه" … الحديث (٨).

والجواب، أن المعنى: أردنا إهلاكها، وأراد الوضوء (٩).

(١) أي بنوعيه: المعنوي، والذكرى والمراد بالترتيب المعنوي: أن يكون زمن تحقق المعنى في المعطوف، متأخرا عنه في المعطوف عليه؛ نحو: من الخير الإنصات؛ فالسماع، فمحاولة الفهم. أما الترتيب الذكري، فهو: وقوع المعطوف بعد المعطوف عليه بحسب التحدث عنهما، لا بحسب زمان وقوع المعنى على أحدهما؛ نحو: حدثنا المعلم عن أبي بكر فعثمان فعمر.

(٢) التعقيب هو: اتصال المعطوف بالمعطوف عليه بلا مهلة، وقصر المدة التي بين وقوع المعنى عليهما، والتعقيب في كل شيء بحسبه.

(٣) من الآية ٢١ من سورة عبس.

(٤) أي الدلالة على السببية؛ بأن يكون المعطوف متسبباً عن المعطوف عليه، ولكنها لا تسمى فاء السببية، إلا إذا دخلت على مضارع منصوب بأن المصدرية المضمرة، كما سيأتي في موضعه.

(٥) أي في الغالب، وكذلك إذا كان المعطوف وصفا مشتقا؛ نحو: الطلبة واثقون بأنفسهم فمقبلون على الاختبار؛ ففائزون، ومثل قوله تعالى: ﴿لآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ، فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ﴾. الآيتان ٥٢، ٥٣ من سورة الواقعة.

(٦) وهو الترتيب المعنوي.

(٧) من الآية ٤ من سورة الأعراف.

(٨) فإن الإهلاك متأخر عن مجيء البأس في المعنى، وهو متقدم عليه في التلاوة والذكر وغسل الأعضاء الأربعة متقدم في المعنى، ومتأخر عن الوضوء في الذكر.

(٩) وبهذا انتفى الاعتراض؛ فإن إرادة الإهلاك متقدمة على البأس، وإرادة الوضوء سابقًا على غسل الأعضاء. وأجيب أيضاً: بأن الفاء في الآية والحديث للترتيب الذكري لا المعنوي، لأن ما بعدها تفصيل للمجمل قبلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>