وأما "حتى" (١): فالعطف بها قليل، والكوفيون ينكرونه (٢)، وشرطه أربعة أمور:
أحدها: كون المعطوف اسماً (٣).
والثاني: كون المعطوف اسما (٤).
والثالث: كونه بعضاً من المعطوف عليه، إما بالتحقيق (٥)؛ نحو: أكلت السمكة حتى رأسها، أو بالتأويل (٦) كقوله:
ألقى الصحيفة كي يخفف رحله … والزاد حتى نعله ألقاها (٧)
(١) معناها: ترتيب أجزاء ما قبلها ذهنا، والدلالة على أن المعطوف بلغ الغاية في الزيادة أو النقص، بالنسبة للمعطوف عليه؛ سواء كانت هذه الغاية حسية أو معنوية، محمودة أو مذمومة. وكل هذا بحسب التخيل.
(٢) ويعربونها ابتدائية في مثل: جاء الطلبة حتى محمد، ورأيت المسافرين حتى عليا، ومررت بالعائدين حتى أخيك، وما بعدها معمول لعامل محذوف.
(٣) فلا يصح أن يكون فعلا، ولا حرفا، ولا جملة -على العطف- صفحت عن المذنب حتى خجل. وأما على الحرف؛ فلأن الحرف لا يدخل على نظيره غالباً إلا في التوكيد اللفظي أو الضرورة الشعرية. وإذا دخلت على جملة فعلية، أو على جملة اسمية، كانت حروف ابتداء.
(٤) حقق بعض العلماء الاستغناء عن هذا الشرط، وأجاز المثل المذكور، وفيه تيسير مقبول انظر ترجمة الخضراوي صفحة ٤٩، جزء ثان.
(٥) وذلك بأن يكون جزءًا من كل؛ كمثال المصنف، أو فردًا من جمع؛ نحو: عاقبت التلاميذ حتى عليًا، أو نوعًا من جنس؛ نحو: أعجبني العنب حتى البناني.
(٦) أي بتقدير أنه كالبعض؛ لملازمته الكل في كثير من الأحيان، ولأهميته.
(٧) بيت من الكامل، من كلام أبي مروان النحوي في المتلمس، حين فر من عمرو بن هند لما أراد قتله. والمتلمس: لقب جرير بن عبد المسيح، وبعد هذا البيت:
ومضى يظن بريد عمرو خلفه … خوفا وفارق أرضه وقلاها
اللغة والإعراب: ألقى: رمى إلى الأرض. الصحيفة: ما يكتب فيه من ورق وغيره.