للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمنقطعةُ: هي الخاليةُ من ذلك (١)، ولا يُفَارقُهَا معنى الإضراب (٢)، وقد تقتضي مع ذلك استفهامًا حقيقيًّا؛ نحو: إنها لإبلٌ أم شَاءٌ؛ أي: بل أهيَ شَاءٌ (٣). وإنما قَدَّرْنَا بعدها مبتدأً؛ لأنها لا تدخلُ على المفردِ (٤).

أو إنكاريًّا؛ كقوله - تعالى -: ﴿أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ﴾؛ أي: بل أله البناتُ؟ (٥). وقد لا

أي: قد تحذف الهمزة - سواء كانت همزة التسوية، أو الهمزة المغنية عن أي - إذا كان حذفها لا يؤدي إلى خفاء المعنى، والوقوع في اللبس. وتبقى "أم" متصلة كما كانت والهمزة موجودة. وقد تحذف "أم" مع معطوفها على قلة؛ كقول الشاعر:

دَعَانِي إِلَيْهَا القَلبُ إِنِّي لأمْرِهِ … سَمِيعٌ فَمَا أَدْري أَرُشْدٌ طِلَابُهَا

يريد: أرشد أم غي؟ وقيل: إن الهمزة للتصديق؛ فلا تحتاج لمعادل. ويجوز حذف المعطوف عليه، قبلها، كما سيأتي.

(١) - أي من المذكور في المتصلة؛ فلا تتقدم عليها همزة التسوية، ولا همزة يطلب بها وبأم التعيين. وسميت منقطعة، وقد تسمى منفصلة؛ لأنها تقع غالبا بين جملتين مستقلتين في معناها، لكل معنى خاص يخالف معنى الأخرى، ولا يتوقف أداء أحدهما وتمامه على الآخر.

(٢) - المقصود بالإضراب هنا: إبطال الحكم السابق ونفي مضمونه والانصراف عنه إلى ما بعدها، ويسمى هذا: الإضراب الإبطالي. وقد يراد الانتقال من غرض إلى آخر يخالفه، وحينئذ يسمى: الإضراب الانتقالي، وسيأتي زيادة إيضاح لذلك بعد.

(٣) - أخبر أولا بأنها إبل، ثم تحقق غير ذلك فأضرب عنه، مستفهما عن كونها شاء.

(٤) - لأنها غير عاطفة، بل هي بمعنى "بل" الابتدائية، وحرف الابتداء لا يدخل إلا على جملة، فـ "شاء" خبر لمبتدإ محذوف، وقيل تعطف المفرد بقلة.

(٥) - من الآية ٣٩ من سورة الطور. ولا يصح أن تقدر هنا للإضراب المحض؛ لأن ذلك يجعل الكلام إخبارا بنسبة البنات إليه - تعالى - والله - سبحانه - منزه عن ذلك. وقد تفيد مع ذلك الوعيد؛ كقوله - تعالى -: ﴿أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا﴾، من الآية ١٧ من سورة الملك والسخرية كقوله - سبحانه -: ﴿أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ﴾. من الآية ٧٩ من سورة الزخرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>