وألا يصدق أحد متعاطفيها على الآخر (١)، نص عليه السهيلي، وهو حق؛ فلا يجوز: جاءني رجل لا زيد، ويجوز: جاءني لا زيد، ويجوز: جاءني رجل لا امرأة. وقال الزجاجي: وألا يكون المعطوف عليه معمول فعل ماض؛ فلا يجوز: جاءني لا زيد لا عمرو (٢)، ويرده قوله:
عقاب تنوفى لا عقاب القواعل (٣)
(١) أي لا يكون داخلًا في مدلوله، ولا معدودًا من أفراده التي يطلق عليها اسمه.
(٢) حجته: أن العامل يقدر بعد العاطف، ولا يصح أن يقال: لا جاء عمر، إلا على سبيل الدعاء.
(٣) عجز بيت من الطويل، لامرئ القيس الكندي، وصدره:
كأن دثاراً حلقت بلبونه
الغة والإعراب: دثار: اسم رجل كان راعيا لامرئ القيس؛ وهو: دثاء بن فقعس، أحد بني أسد. حلقت: ذهبت وارتفعت. بلبونه: اللبون: الإبل ذوات اللبن. عقاب: طائر معروف من الطيور الكواسر. تنوفي: اسم موضع مرتفع في جبال طيء، أغير على إبل امرئ القيس من ناحيته. القواعل: موضع دون تنوفى. "دثارًا" اسم كأن. "حلقت" الجملة خبرها. "عقاب تنوفى" عقاب فاعل حلقت، وتنوفى مضاف إليه. "لا" عاطفة. "عقاب القواعل". معطوف على عقاب تنوفي، ومضاف إليه.
المعنى: كأن هذا الراعي حين أغار عليه الأعداء، وشردت إبله بعيدًا قد طارت بإبله عقبان ذلك الجبل العظيم، وارتفعت بها فوقه؛ فهو لا يستطيع ردها، ولا الوصول إليها، لا عقبان هذا الجبل الصغير.
الشاهد: أن "لا" عطفت "عقاب العواقل" على "عقاب تنوفي" والمعطوف عليه معمول لفعل ماض؛ وهو "حلقت"؛ فهو رد على الزجاجي الذي يمنع ذلك.
وقد جمع الناظم حكم "لكن" المتقدمة، وحكم "لا" في بيت واحد؛ هو: