للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومذهب الجمهور: أنها لا تفيد نقل حكم ما قبلها لما بعدها، إلا بعد الإيجاب والأمر؛ نحو: قام زيد بل عمرو، واضرب زيداً بل عمراً (١).

وأما لا (٢): فيعطف بها بشروط:

إفراد معطوفها (٣)، وأن تسبق بإيجاب أو أمر اتفاقاً، كـ"هذا زيد لا عمرو، و"اضرب زيدًا لا عمرًا". أو نداء، خلافاً لابن سعدان (٤)؛ نحو: يا بن أخي لا ابن عمي.

(١) فالقاثم والمأمور بضربه عمرو، أما "زيد" فمسكوت عنه، وإلى هذا الاستعمال يشير الناظم بقوله:

وانقل بها للثان حكم الأول … في الخبر المثبت والأمر الجلي

أي أن "بل" بعد الكلام الموجب، وبعد صيغة الأمر تفيد الإضراب عن الأول، ويصبح مسكوتًا عنه، وتنقل حكمه إلى الثاني.

هذا: ولا يجوز العطف ببل بعد الاستفهام؛ فلا يجوز: أحفظت خطبة بل قصيدة؟ وقد تقع "لا النافية قبلها، فإن كانت "بل" للإضراب، وليست للعطف، كان معنى "لا" تقوية الإضراب وتوكيده.

(٢) "لا" حرف عطف ونفي تفيد نفي الحكم عن المعطوف بعد ثبوته للمعطوف عليه.

(٣) أي ولو تأويلًا؛ فيجوز: قلت: محمد قائم لا محمد قاعد، ولا يعطف بها جملة لا محل لها من الإعراب، ويشترط في المفرد: ألا يكون صالحًا لأن يكون صفة لموصوف مذكور، أو يكون خبرًا، أو حالًا، فإن صلح لشيء من ذلك كانت "لا" للنفي المحض وليست عاطفة، ووجب تكرارها؛ نحو ﴿لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ﴾، ٦٨ من سورة البقرة، محمد لا كاتب ولا شاعر، جاء سعيد لا راضيًا ولا ساخطًا، كما يشترط ألا تقترن بعاطف، وإلا كان العطف به. وهي لإفادة نفي ما قبلها؛ نحو: جاء محمد لا بل علي.

(٤) فإنه منع ذلك؛ زاعمًا أنه لم يسمع عن العرب. وابن سعدان هو: أبو جعفر محمد بن سعدان الضرير، كان من النحاة الكوفيين الموثوق بهم، عالمًا بالعربية والقراءة، وقد أخذها عن أهل مكة والمدينة وغيرها، وكان يقرأ بقراءة حمزة، وصنف كتابًا في النحو، وآخر في القراءات، وتوفي يوم عيد الأضحى سنة ٢٣١ هـ، وأنجب ولدًا اسمه إبراهيم، كان من أهل العلم والفضل.


* "بها للثان" متعلقان بانقل. "حكم الأول" حكم مفعول انقل، والأول مضاف إليه. "في الخبر" متعلق بانقل. "المثبت" صفة للخبر. "والأمر" معطوف على الخبر. و"الجلي" صفة للأمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>