وما هو مشترك بين محل النصب والجر فقط:
وهو ثلاثة: ياء المتكلم؛ نحو: ربي أكرمني (١)، وكاف المخاطب؛ نحو: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ﴾ (٢)، وهاء الغائب؛ نحو: ﴿قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ﴾ (٣).
وما هو مشترك بين الثلاثة: وهو "نا" خاصة؛ نحو: ﴿رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا﴾ (٤). وقال بعضهم: لا يختص ذلك بكلمة "نا" بل "الياء" وكلمة "هم" كذلك؛ لأنك تقول: قومي، وأكرمني، وغلامي، وهم فعلوا، وإنهم، ولهم مال. وهذا غير سديد؛ لأن ياء المخاطبة غير ياء المتكلم، والمنفصل غير المتصل.
وألفاظ الضمائر كلها مبنية (٥).
(١) الياء الأولى في "ربي" في محل جر بالإضافة، والثانية في محل نصب؛ لأنها مفعول.
(٢) الأولى في محل نصب على المفعولية، والثانية في محل جر بالإضافة.
(٣) الهاء الأولى في محل جر بالإضافة، والثانية في محل نصب على المفعولية. هذا وقد تقع هذه الضمائر الثلاثة بعد "لولا" الامتناعية التي لا يقع بعدها إلا مبتدأ؛ فتكون في محل رفع على الابتدائية؛ نحو: لولاي ما نجحت، ولولاك ما تعبت، ولولاه لحدث ما نكره. ولا يجوز اعتبارها ضمير رفع إلا في هذه الحالة.
(٤) "نا" الأولى في محل جر بالإضافة لرب، والثانية في محل نصب اسم "إن"، والثالثة محلها رفع على الفاعلية. قال ابن مالك في هذا:
للرفع والنصب وجر "نا" صلح … كاعرف بنا فإننا نلنا المنح*
أي: صلح الضمير "نا" للأمور الثلاثة، فيكون في محل جر؛ مثل: اعرف بنا؛ أي: اعترف بقدرنا، وفي محل نصب؛ مثل: إننا، وفي محل رفع؛ نحو: نلنا المنح؛ أي: العطايا.
(٥) تقدم أن سبب بنائها مشابهتها الحرف في الوضع والجمود. قال الناظم مشيرا إلى ذلك:
وكل مضمر له البنا يجب … ولفظ ما جر كلفظ ما نصب*
أي: إن كل ضمير لا بد أن يكون مبنيا، والمجرور كالمنصوب في الصورة؛ ولو مع اختلاف الحركة، وكذلك المرفوع، وقد تركه الناظم لضيق النظم.
* "للرفع" جار ومجرور متعلق بصلح. "والنصب وجر" معطوفان على للرفع. "نا" مقصود لفظه مبتدأ. "صلح" الجملة خبر المبتدأ. "كاعرف" خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: وذلك كقولك. "اعرف" فعل أمر وفاعله مستتر. "بنا" متعلق باعرف. "فإننا" الفاء للتعليل وإن اسمها. "نلنا" الجملة من الفعل والفاعل خبر إن. "المنح" مفعول لنال، وسكن للوقف.