ومثال المقدر قوله تعالى: ﴿قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ، النَّارِ﴾ (١)؛ أي: النار فيه، وقيل: الأصل "ناره" ثم نابت "أل" عن الضمير.
والرابع: البدل المباين (٢)، وهو ثلاثة أقسام (٣)؛ لأنه لا بد أن يكون مقصودًا كما تقدم في الحد.
ثم الأول (٤) إن لم يكن مقصوداً البتة؛ ولكن سبق إليه اللسان؛ فهو بدل الغلط؛ أي بدل عن اللفظ الذي هو غلط، لا أن البدل نفسه هو الغلط، كما قد يتوهم. وإن كان مقصوداً؛ فإن تبين بعد ذكره فساد قصده، فبدل نسيان؛ أي بدل شيء ذكر نسياناً.
وقد ظهر أن الغلط متعلق باللسان، والنسيان متعلق بالجنان، والناظم وكثير من النحويين لم يفرقوا بينهما، فسموا النوعين بدل غلط (٥).
متصلة بما يتعلق بالبدل. من الآية ٢١٧ من سورة البقرة.
(١) هذا بناء على أن ﴿النَّارِ﴾، بدل اشتمال من ﴿الأُخْدُودِ﴾. والأخدود: الشق في الأرض. وأصحابه هم: أنطيانوس ملك الروم، وبختنصر ملك فارس. ويوسف ذو نواس ملك نجران؛ حفر كل منهم شقًا عظيمًا وملأه نارًا، وأمر بأن يلقى فيه كل من لم يكفر. و"أل" في ﴿الأُخْدُودِ﴾، للجنس؛ لأنها أخاديد، لا أخدود واحد. وبدل الاشتمال كبدل البعض، لا بد لصحته من صحة الاستغناء عنه بالمبدل منه مع صحة المعنى عند حذفه؛ فمثل: أعجبني علي أخوه، بدل إضراب لا بد اشتمال؛ لعدم صحة الاستغناء عنه بالأول.
(٢) أي المغاير للمبدل منه.
(٣) لا بد في كل من الأقسام الثلاثة أن يكون البدل هو المقصود بالحكم، وهذا النوع بأقسامه الثلاثة لا يحتاج إلى ضمير يربطه بالمتبوع.
(٤) أي المبدل منه.
(٥) وقد أشار الناظم إلى أنواع البدل الأربعة المتقدمة بقوله:
مطابقًا أو بعضًا أو ما يشتمل … عليه يلفى أو كمعطوف ببل*
* "مطابقًا" مفعول ثان مقدم ليلفى. "أو بعضًا أو ما" معطوفان عليه، و"ما" اسم موصول واقعة على بدل.