وقولهم: أطرق كرا (١)، وافتد مخنوق (٢)، وأصبح ليل (٣).
وذلك عند البصريين ضرورة وشذوذ (٤).
من ألم الحب والهوى، أو الحزن. غرام: ولوع وشدة رغبة. "إذا" شرطية. "هملت" فعل الشرط، والتاء للتأنيث. "عيني" فاعله. "لها" متعلق بهملت، واللام للتعليل؛ أي لأجل المحبوبة. "قال" فعل ماض، جواب الشرط. "صاحبي" فاعله مضاف للياء. "بمثلك" جار ومجرور خبر مقدم. "هذا" ها للتنبيه، و"ذا" اسم إشارة منادى على حذف حرف النداء. "لوعة" مبتدأ مؤخر، والجملة في محل نصب مقول القول. "وغرام" معطوف على لوعة.
والمعنى: كلما بكى وانهمر دمعه عند تذكر محبوبته، قال له صاحبه: يا هذا: إنك شديد الحب لها، والغرام بها. وهو لا يستطيع أن يعمل له شيئاً يخفف من لوعته وغرامه، ويذهب عنه بعض ألامه.
الشاهد: نداء اسم الإشارة، وهو "هذا" مع حذف النداء، على رأي الكوفيين.
(١) هذا جزء من مثل، وتمامه: إن النعام في القرى، وهو مثل يضرب لمن تكبر وقد تواضع من هو أحسن وأشرف منه؛ أي أخفض يا كرا عنقك للصيد؛ فإن من هو أكبر وأطول عنقا منك -وهو النعام- قد صيد وجيء به من مكانه إلى القرى. وأصله: يا كروان؛ فرخم بحذف النون والألف، كما سيأتي إيضاحه، ثم قلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وشذوذه من وجهين: حذف حرف الناء، وترخيمه.
(٢) مثل يضرب لكل مضطر وقع في شدة وضيق، وهو يبخل بافتداء نفسه بشيء من ماله؛ أي افتد نفسك يا مخنوق.
(٣) مثل يضرب لمن يظهر الكراهة والبغض للشيء، أي: لتذهب أيها الليل بهمومك، وليأت الصبح بديلًا عنك؛ فقد حذف حرف النداء في هذه الأمثلة، مع أن المنادى اسم إشارة في المثال الأول، واسم جنس في الأخيرين. وبذلك احتج الكوفيون على الجواز، وجعلوا منه قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ﴾، على أن هؤلاء اسم إشارة منادى.
(٤) أي: ضرورة إذا وقع في النظم، وشذوذ إذا ورد في النثر، ومن ذلك قول المتنبي:
هذي برزت لنا فهجت رسيسا … ثم انصرفت وما شفيت نسيسا
أي: يا هذي. وقيل: المتنبي كوفي؛ فجاء كلامه على مذهبهم. ومعنى هجت: أثرت.