ولا ينصب بـ"أن" مضمرة في غير هذه المواضع العشرة (٢)؛ إلا شاذا، كقول بعضهم:"تسمع بالمعيدي خير من أن تراه"(٣)، وقول آخر:"خذ اللص قبل يأخذك"(٤).
(١) ذلك لأنه صلة "لأل" وصلتها في تأويل الفعل، و"أل" اسم موصول مرفوع بالابتداء، نقل إعرابها إلى ما بعدها؛ لأنها على صورة الحرف. "الذباب" خبر. "فيغضب" الفاء عاطفة، ويغضب فعل مضارع مرفوع، وزيد فاعل، والجملة معطوفة على صلة أل، ولا تحتاج لرابط لعطفها بالفاء.
وفي الموضع الثاني من مواضع إضمار "أن" جوازًا، يقول الناظم:
وإن على اسم خالص فعل عطف … تنصبه "أن" ثابتًا أو منحذف*
أي: إذا عطف المضارع على اسم خالص من رائحة الفعل -بأن يكون جامدًا- فانصبه "بأن" ثابتة في الكلام أو محذوفة. وقد أوضح المصنف ما يتصل بهذا من تفصيل.
(٢) يزاد عليها ما سيأتي في الجوازم؛ من جواز نصب الفعل المقرون بالفاء، أو الواو بعد الشرط أو الجزاء، فإنه ينصب بأن مضمرة وجوبًا، وإذا دخلت الفاء على مضارع مسبوق بإنما للحصر، نحو: إنما أنت المسافر فتنتفع، جاز نصب المضارع، على اعتبار الفاء السببية وتزيل الحصر منزلة الطلب، وعدم نصبه على اعتبارها غير سببية، ومثله قوله تعالى:"فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونَ" في قراءة من نصب "فيكون".
(٣)"تسمع" فعل مضارع منصوب بأن مضمرة شذوذًا؛ والمصدر المنسبك مبتدأ؛ أي: سماعك، "خير" خبر، ويروى برفع "تسمع"، وهو مثل عربي يضرب لمن اشتهر وذاع صيته، وتزدري مرآته. قيل: إن أول من قاله، المنذر بن ماء السماء.
(٤) ليس في هذا المثال ذكر "أن" المصدرية مع فعل آخر غير المنصوب بها مضمرة، وهو "يأخذك".
* "وإن" شرطية. "على اسم" جار ومجرور متعلق بعطف الواقع فعلا للشرط. "خالص" نعت لاسم. "فعل" نائب فاعل لفعل محذوف يفسره عطف. "تنصبه" فعل مضارع جواب الشرط والهاء مفعوله. "أن" فاعله قصد لفظه. "ثابتا" حال من أن. "أو منحذف" معطوف على ثابتًا، وسكن على لغة ربيعة.