للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما علم من جواب (١)؛ نحو:

﴿فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا﴾ (٢). الآية.

(١) بشرط أن يكون فعل الشرط -في غير الضروة الشعرية- ماضيًا لفظًا ومعنى، كما مثل المصنف، أو معنى فقط كالمضارع المنفي بالحروف "لم" نحو قوله -تعالى: ﴿لَئِنْ لَمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا﴾، [سورة مريم الآية: ٤٦]، وقوله الشاعر:

لمن تطلب الدنيا إذا لم ترد بها … سرور محب أو إساءة مجرم

(٢) جواب "إن استطعت" محذوف لدلالة الكلام عليه؛ أي: فافعل. سورة الأنعام.

فإن لم يكن فعل الشرط ماضيًا؛ بأن كان مضارعًا لفظًا ومعنى، لم يصح -في القول الراجح- حذف الجملة الجوابية؛ إلا إذا سد مسدها جملة أخرى بعدها تدل عليها ولا تصلح جوابًا؛ نحو قوله تعالى: ﴿وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾؛ فقد حذف الجواب؛ وهو: فإنه غني عن جهرك. وسد مسده جملة: "فإنه يعلم السر"، وهذه لا تصلح جوابًا؛ لأن الجهر بالقول لا يترتب عليه أن الله يعلم السر؛ لأنه -سبحانه- يعلم السر دائمًا.

ومثل هذا: قوله -سبحانه: ﴿مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لآتٍ﴾؛ فإن الجواب محذوف، تقديره: فليبادر بالعمل الصالح. ولم يتشرط الكوفيون كون فعل الشرط ماضيًا مستدلين بمثل الآيتين المذكورتين، وأن المذكور هو الجواب، ولا يشترط أن يكون الجواب مترتبًا على الشرط، وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله:

والشرط يغني عن جواب قد علم … والعكس قد يأتي إن المعنى فهم*

أي: إن الجملة الشرطية قد تغني عن الجملة الجوابية وتدل عليها عند حذفها، والعكس قد يقع؛ بشرط أن تدل قرينة على ذلك، وأن يكون المعنى المراد مفهومًا بعد الحذف لا لبس فيه ولا اضطراب.


* "والشرط" مبتدأ. "يغني" الجملة خبر "عن جواب" متعلق بيغني "قد علم" الجملة صفة لجواب. "المعنى" نائب فاعل لمحذوف يفسره فهم، وهو فعل الشرط والجواب محذوف.

<<  <  ج: ص:  >  >>