للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أتوا ناري فقلت منون أنتم؟ (١)

فنادر في الشعر، ولا يقاس عليه، خلافا ليونس.

الثالث: أن "أيا" يحكى فيها حركات الإعراب غير مشبعة؛ فتقول: "أي، وأيا،

(١) صدر بيت من الوافر؛ استشهد به سيبويه ولم ينسبه، وهو لشمر بن الحارث الضبي، وقيل: لتأبط شرا، وعجزه:

فقالوا الجن قلت عموا ظلاما

اللغة والإعراب: أتوا: حضروا وجاءوا، ناري، المراد: النار التي توقد لإرشاد السائرين، وكانت عادة كرماء العرب إذا كانت مجاعة أو قحط أن يوقدا نارا على مرتفع من الأرض، ليراها السائرون ليلا فيقصدونها، منون أنتم: أي: من أنتم؟ عموا ظلامًا: تحية من تحايا العرب الجاهليين، مثل: عم صباحا، وعم مساء.

"أتوا ناري" أتي فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف المحذوف للساكنين، وواو الجماعة فاعل، وناري مفعول مضاف لياء المتكلم، "منون" من: اسم استفهام مبتدأ مبني على سكون مقدر منع منه اشتغال المحل بحركة مناسبة الحرف الذي جلبته الحكاية في محل رفع، والواو والنون زائدتان للحكاية، والمحكي ضمير في فعل محذوف صادر من الجن، والتقدير: أتوا ناري فقالوا: أتينا فقلت: منون أنتم؟ "أنتم" خبر المبتدأ. "الجن" خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: نحن الجن والجملة في محل نصب مقول القول "ظلاما" منصوب على الظرفية بعموا.

المعنى: هذا البيت من أوهام العرب وأكاذيبهم في الجن، يقول الشاعر: حضر الجن إلى ناري للاستدفاء أو لغيره، فقلت لهم مستفهمًا: من أنتم؟ فقالوا: نحن الجن؛ فقلت عند ذلك -تحية لهم- نعم ظلامكم وبعده:

فقلت إلى الطعام فقال منهم … زعيم نحسد الإنس الطعاما

لقد فضلتم بالأكل فينا … ولكن ذاك يعقبكم سقاما

الشاهد: في "منون"؛ حيث لحقت الواو والنون "من" في حالة الوصل وذلك شاذ، =

<<  <  ج: ص:  >  >>