الثالث: كل مبني على حركة بناء دائمًا، ولم يشعبه المعرب (١)، وذلك، كياء المتكلم (٢)، وكَهِي، وهو فيمن فتحهن، وفي التنزيل: ﴿مَا هِيَهْ﴾، ﴿مَالِيَهْ﴾، ﴿سُلْطَانِيَهْ﴾ (٣)، وقا الشاعر:
فما إن يقال له من هوهْ (٤)
(١) القيود ثلاثة، وسيذكر المصنف محترزاتها، فإذا استوفيت جاز إلحاق هاء السكت.
(٢) الأصل فيها: البناء على الحركة، وسكونها أحيانا عارض للتخفيف.
(٣) "ما هيه" [سورة القارعة الآية: ١٠] ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ﴾، و ﴿مَالِيَه﴾ و ﴿هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ﴾ [سورة الحاقة من الآيتين: ٢٨، ٢٩] ﴿مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ﴾، ﴿هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ﴾.
(٤) عجز بيت من المتقارب، لسيدنا حسان بن ثابت الأنصاري -شاعر الرسول- في الفخر، وصدره:
إذا ما ترعرع فينا الغلام
اللغة والإعراب: ترعرع: تحرك ونشأ؛ والمراد: قارب البلوغ، الغلام: الصبي والأنثى غلامة "إذا" شرطية "ما" زائدة بعد إذا "ترعرع" فعل الشرط "فما" الفاء واقع في جواب الشرط. و"ما" نافية "إن" زائدة "من" استفهام مبتدأ "هوه" ضمير منفصل في محل رفع خبر، والهاء للسكت، والجملة نائب فاعل "يقال".
المعنى: إذا بلغ الصبي من الحلم، لا يسأله أحد عن نفسه؛ لأنه يشتهر ويعرف له شأنه وقدره في المجتمع الذي يعيش فيه.
الشاهد: في "هوه" حيث لحقت هاء السكت الضمير؛ لتبقى حركة البناء، وهي الفتحة على حالها؛ كما لحقت "سلطانيه وماليه" على لغة فتح ياء المتكلم.
هذا: وإذا كانت ياء ساكنة؛ فإذا كانت في فعل جاز فيها إثبات الياء ساكنة وهو الأجود، تقول: أكرمني وعلمني. وجاز حذفها وهو حسن؛ لأن قبلها نون الوقاية تدل عليها نحو: أكرمن وعلمن، قال الأعشى:
ومن شانئ كاسف وجهه … إذا ما انتسبت إليه أنكرن
يريد: أنكرني والشانئ: المبغض.
وإن كانت في اسم نحو: هذا كتابي ومحمد صديقي، لم يجز حذفها عند كثير من
العلماء؛ فلا تقل! هذا كتاب؛ لأن الحذف يوقع في لبس، فلا يدرى، أهو مفرد أو مضاف؟ وأجاز سيبويه ثبوت الباء ساكنة وحذفها؛ لأن اللبس يزول عند الوصل.
وإن كانت في حرف فكذلك، وإن كانت محذوفة في الوصل بقيت على الحذف في الوقف نحو: ﴿يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ﴾ [سورة مريم الآية: ١٦].