فأبدلت الهمزة من ياء مفاعيل؛ لأن أصله "مفاعل"؛ لأن عيائيل جمع عَيّل بكسر الياء، واحد العيال، والياء زائدة للإشباع مثلها في قوله:
تنقاد الصياريف (١) فلذلك أُعِلّ
(١) قطعة من بيت من البسيط، للفرزدق الشاعر المشهور يصف ناقة بالقوة وسرعة السير في الهواجر، وهو بتمامه:
تنفي يدها الحصى في كل هاجرة … نفي الدراهيم تنقاد الصياريف
اللغة والإعراب: تنفي: تبعد وتطرد. يداها المراد: يدا الناقة التي يصفها هاجرة، الهاجرة: نصف النهار عند اشتداد الحر، الدراهيم: جمع درهام لغة في درهم. تنقاد: مصدر نقد الدراهم، إذا ميز رديئها من جيدها، على غير قياس. الصياريف: جمع صيرف، ويقال له: صيرفي، وصراف، وهو الخبير بالنقد الذي يبادل على بعضه ببعض.
"يداها" يدا فاعل تنفي مرفوع بالألف؛ لأنه مثنى، وضمير الغائبة مضاف إليه. "الحصى" مفعوله. "في هاجرة" في كل متعلق بتنفي، وهاجرة مضاف إليه. "نفي الدراهيم" نفي مفعول مطلق لتنفي الدراهيم مضاف إليه من إضافة المصدر لمفعوله. "تنقاد الصياريف" تنقاد فاعل لنفي والصياريف مضاف إليه، من إضافة المصدر لفاعله.
المعنى: أن هذه الناقة لقوتها وسرعتها، تدفع يداها الحصى وتطرده عن وجه الأرض، وهي سائرة وقت الهاجرة؛ فيقرع بعضه بعضًا ويسمع له صوت، كما يدفع الصراف الدراهم فيسمع له صوت ورنين.
الشاهد: في الصياريف؛ فهو جمع صيرف، والقياس في جمعه: صيارف، أو صيارفة بزيادة تاء للنسب، كالأزارقة، والأشاعرة، ولكنه أشبع كسرة الراء فتولدت عنها ياء زائدة، وقد أشار الناظم إلى هذه المسألة الرابعة بقوله:
كذاك ثاني لَيِّنين اكتَتَفا … مد "مَفاعِل" كجمع نيِّفا*
أي: كذلك تبدل الهمزة من ثاني حرفين لينين اكتتفا -أي: أحاطا- بمدة "مفاعل"، وتوسطت هي بينهما. كما لو جمعت كلمة نيف جمع تكسير؛ فإنك تقول: نيائف؛ بإبدال الياء الواقعة بعد ألف الجمع همزة.
* "كذالك" جار ومجرور خبر مقدم. "ثاني" مبتدأ مؤخر. "لينين" مضاف إليه. "اكتتفا" ألف الاثنين فاعل والجملة صفة لينين. "مد" مفعول اكتفاء. "مفاعل" مضاف إليه ممنوع من الصرف لصيغة منتهى الجموع. "كجمع" متعلق بمحذوف، خبر لمبتدأ محذوف، وهو مصدر مضاف إلى فاعله المحذوف. "نيفا" مفعوله؛ أي: كجمعك نيفا والنيف الزدياء.