للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثال ما لامه همزة: خطايا (١)؛ أصلها: خَطَايِئ بياء مكسورة؛ هي ياء خطيئة، وهمزة بعدها هي لامها، ثم أبدلت الياء همزة على حد الإبدال في صحائف (٢)؛ فصار خطائئ، بهمزتين، ثم أبدلت الهمزة الثانية ياء؛ لما سيأتي من أن الهمزة المتطرفة بعد همزة تبدل ياء، وإن لم تكن بعد مكسورة، فما ظنك بها بعد المكسورة؟ ثم قلبت كسرة الأولى فتحة للتخفيف؛ إذ كانوا قد يفعلون ذلك فيما لامه صحيحة؛ نحو: مَدَارَى (٣)، وعَذَارَى في المَدَارِي والعذارِي؛

قال:

ويوم عقرتُ للعذارى مطيَّتي (٤)

(١) جمع خطيئة وهي الذنب؛ من الخطأ؛ وهو ضد الصواب، ووزنه "فعائل".

(٢) وهو وقوعها بعد ألف التكسير في هذا الوزن.

(٣) جمع مِدْرى، وهي مثل الشوكة يصلح بها شعر المرأة؛ كالمشط الكبير.

(٤) صدر بيت من الطويل، لامرئ القيس، من معلقته المشهورة، وعجزه:

فَيَا عَجَبا من رحلِها المتحمِّل

اللغة والإعراب: عقرت: ذبحت ونحرت. العذارى: جمع عذراء؛ وهي الشابة الفتية البكر. مطيتي: المطية: كل ما يرتحله المسافر. رحلها: الرحل: ما يوضع على ظهر البعير.

ويروى: كورها؛ وهو بمعنى الرحل.

"ويوم" ظرف مبني على الفتح في محل جر أو رفع، معطوف على يوم في الحالتين؛ في قوله قبل: ولا سيما يوم بدارة جلجل، ويجوز أن يكون منصوبا معربا؛ كأنه قال: أذكر يوم عقرت، "مطيتي" مفعول عقرت. "فيا عجبا" يا للنداء، وعجبا منادى منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المنقلبة ألفًا، وهي مضاف إليه. "من كورها" متعلق بعجبا. "المتحمل" نعت لرحلها أو لكورها.

المعنى: أذكر يوم عقرت ناقتي لهؤلاء الفتيات الأبكار، وإني لأعجب لهن ومنهن! كيف أطقن الرحل في هوادجهن؟ وكيف رحلن بإبلهن على تنعمهن ورفاهة عيشهن؟

وقصة هذا اليوم وما كان منه مع الفتيات وابنة عمه عنيزة؛ معروفة مشهورة.

الشاهد: في العذارى؛ فإنه جمع عذراء، وأصله: عذارِي، قلبت كسرة الراء فتحة، ثم الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها؛ مثل خطايا، وقد استدل به على أن العرب تقلب الكسرة التي بعد ألف "مفاعل" فتحة في الأسماء الصحيحة مع أن الاسم الصحيح لا يحتاج إلى تخفيف؛ لسهولة كل الحركات على حروفه.

<<  <  ج: ص:  >  >>