إحداها: أن ينزل منزلته (١)؛ نحو: ﴿مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ﴾، وقوله:
أسرب القطا هل من يعير جناحه (٢)
(١) معناه: أن ينسب إلى المسمى شيء؛ من شأنه ألا يكون إلا من العقلاء؛ فيشبه بهم، وينزل منزلهم في استعمال "من"؛ سواء كان هذا التنزيل من المتكلم، أو من غيره.
(٢) صدر بيت من الطويل؛ للعباس بن الأحنف؛ من المولدين، وقد ذكره المصنف؛ تمثيلا لا استشهادا، وعجزه:
لعلي إلى من قد هويت أطير
اللغة والإعراب:
سرب: هو القطيع من الظباء والقطا ونحوهما. القطا: جمع قطاة؛ وهي طائر معروف هويت: أحببت. "أسرب" الهمزة للنداء، وسرب: منادى منصوب بالفتحة مضاف إلى القطا. "هل" حرف استفهام. "من" اسم موصول مبتدأ. "يعير جناحه" الجملة صلة، وخبر المبتدأ محذوف؛ أي: موجود. "لعلي" لعل واسمها. "أطير" الجملة خبر لعل "إلى" متعلق بأطير. "من" اسم موصول في محل جر بإلى. "قد هويت" الجملة صلة من الثانية.
المعنى: ينادي جماعة القطا؛ ويقول لها: هل منكم من يعيرني، ويعطيني جناحه؛ لعلي أطير به إلى من هويت وأحببت؟
الشاهد: في "من يعير"؛ حيث استعمل "من" في غير العاقل؛ وهو القطا، وجاز ذلك؛ لأنه نزلها منزلة العاقل؛ فناداها وطلب منها الجناح، ولا يتصور النداء والإقبال، إلا من العاقل الذي يفهم الطلب.