ألا عم صباحا أيها الطلل البالي … وهل يعمن من كان في العصر الخالي (١)
فدعاء الأصنام، ونداء القطا والطلل، سوغ ذلك.
الثانية: أن يجتمع مع العاقل فيما وقعت عليه "من"(٢)؛ نحو: ﴿كَمَنْ لا يَخْلُق﴾؛ لشموله الآدميين والملائكة والأصنام، ونحو: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ﴾، ونحو: ﴿مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ﴾ فإنه يشمل الآدمي والطائر.
الثالثة: أن يقترن به في عموم فُصِّل بـ"من"(٣)؛ نحو: ﴿مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِه
(١) بيت من الطويل؛ هو مطلع قصيدة؛ لامرئ القيس بن حجر الكندي.
اللغة والإعراب:
عم صباحا: إحدى تحيات العرب الجاهليين في الصباح؛ وفي المساء: عم مساء، وعم ظلامًا؛ وعم: فعل أمر، أصله أنعم؛ حذفت الهمزة والنون تخفيفًا الطلل؛ كل ما بقي شاخصًا من آثار الديار. البالي: المشرف على الزوال والفناء. العصر: لغة في العصر؛ بمعنى الدهر والزمان. الخالي: السالف. "ألا" للتنبيه. "صباحا" ظرف زمان. "أي" منادى، و"ها" للتنبيه. "الطلل" نعت لأي. "البالي" نعت للطلل. "يعمن" مضارع مبني على الفتح؛ لاتصاله بنون التوكيد. "من" اسم موصول فاعل.
المعنى: أنعم الله صباحك أيها الأثر؛ الذي أشرف على الزوال؛ وبقي من آثار الأحبة. ثم ثاب إلى رشده، وأنكر أن يجيبه أحد؛ لهلاك من كان بهذه الديار؛ فقال: وهل ينعمن بشيء من هلك في الزمان الماضي؟
الشاهد: في "يعمن من"؛ حيث استعمل "من" الموصولة للمفرد غير العاقل، وهو الطلل البالي؛ وجوز ذلك نداؤه وتنزيله منزلة من يجيب الداعي؛ لأنه لا ينادي إلا العاقل.
(٢) أي: أن يكون مضمون الكلام متجها إلى شيء يشمل العاقل وغيره، ولكنك تراعي العاقل؛ فتغلبه على غيره.
(٣) أي: أن يكون عن شيء عام، يشمل أنواعا متعددة؛ فيها العاقل وغيره، وقد فصل بكلمة "من". هذا: ويجوز عود الضمير على "من" مفردا مذكرا؛ مراعاة للفظها، وهو الأكثر؛ نحو: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ﴾، ومراعاة للمعنى؛ نحو: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ﴾.