للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ﴾؛ لاقترانهما بالعاقل في عموم ﴿كُلِّ دَابَّةٍ﴾.

وأما "ما": فإنها لما لا يعقل وحده؛ نحو: ﴿مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُ﴾، وله مع العاقل (١)؛ نحو: ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ﴾، ولأنواع من يعقل (٢)؛ نحو: ﴿فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ﴾، وللمبهم أمره (٣)؛ كقولك، وقد رأيت شبحًا: "انظر إلى ما ظهر".

والأربعة الباقية للعاقل وغيره.

فأما "أي": فخالف في موصوليتها ثعلب (٤)،

(١) وذلك إذا قصد تغليب غير العاقل؛ لكثرته مثلًا.

(٢) المراد: أفراده وصفاته معا، وإلا استغنى عنه بالقسم الأول.

(٣) أي: الذي لا يدري، أهو إنسان أم غير إنسان، وكذلك إذا علمت إنسانيته، ولكنك لا تدري؛ أمؤنث هو أم مذكر؟ نحو قوله تعالى على لسان مريم: ﴿إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا﴾.

(٤) هو أبو العباس؛ أحمد بن يحيى الشيباني، المعروف بثعلب. كان إمام الكوفيين والبصريين في النحو والفقه في زمانه، وهو ابن ست عشرة سنة، وحفظ كتب الفراء والكسائي، وعني بالنحو كثيرا، ولازم ابن الأعرابي، وله كتاب يسمى "مجالس ثعلب" في المكتبة العامة بالقاهرة نسخة منه. وعنه أخذ الأخفش الأصغر ونفطويه، وابن الأنباري، وله مؤلفات كثيرة؛ منها: "المصون في النحو"، و"اختلاف النحويين"، و"الفصيح" و"غريب القرآن". وقيل: إنه ترك كتبا تقدر بآلاف الدنانير. وتوفي سنة ٢٩١ هـ، في خلافة المكتفي بالله، ودفن ببغداد. وقد رثاه بعضهم بقوله:

مات ابن يحيى فماتت دولة الأدب … ومات أحمد أنحى العجم والعرب

فإن تولى أبو العباس مفتقدا … فلم يمت ذكره في الناس والكتب

<<  <  ج: ص:  >  >>