(١) هذا التعليل راجع لما ذكر من الأمثلة المقيسة على طريق اللف والنشر المرتب، فتأمل. واعلم أن مواضع النكرة المفيدة كثيرة جدا. وقد أوصلها بعض النحاة إلى أربعين موضعا. والأصل الذي تقدم عليه هو الإفادة، فليكن هذا الأصل هو المرجع الوحيد في صحة الابتداء بالنكرة.
وقد أشار ابن مالك إلى بعض هذه المسوغات بقوله:
ولا يجوز الابتداء بالنكره … ما لم تفد كعند زيد نمره
وهل فتى فيكم فما خل لنا … ورجل من الكرام عندنا
ورغبة في الخير خير وعمل … بر يزين وليقس ما لم يقل*
يقول: إنه لا يجوز الابتداء بالنكرة إلا إذا أفادت. وأشار بقوله:"عند زيد نمره" إلى مسوغ تقديم الظرف المختص. و"النمرة": الشال من الصوف. وأشار إلى مسوغ الاستفهام بقوله:"هل فتى فيكم؟ " وإلى النفي بقوله: "ما خل لنا". وإلى النعت بقوله:"رجل من الكرام". وإلى النكرة العاملة بقوله:"رغبة في الخير" و"عمل البر" الأول مصدر والثاني مضاف، ثم قال بقياس ما لم يذكر على ما ذكره.
* "لا" نافية. "يجوز الابتدا" فعل وفاعل. "بالنكرة" متعلق بالابتداء. "ما" مصدرية ظرفية. "تفد" مجزوم بلم، والفاعل يعود على النكرة. "كعند" الكاف جارة لقول محذوف. "عند" ظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم "زيد" مضاف إليه. "نمرة" مبتدأ مؤخر، وسكن للشعر، وجملة المبتدأ والخبر مقول المحذوف. "وهل" حرف استفهام. "فتى" مبتدأ. "فيكم" متعلق بمحذوف خبر. "فما" نافية. "خل لنا" مبتدأ وخبر. "ورجل" مبتدأ. "من الكرام" صفة لرجل. "عندنا" خبر المبتدأ. "ورغبة" مبتدأ. "في الخير" متعلق برغبة. "خير" خبر المبتدأ "وعمل بر" مبتدأ ومضاف إليه. "يزين" مضارع فاعله يعود على عمل، والجملة خبر المبتدأ. "وليقس" الواو عاطفة واللام للأمر، و"يقس" مضارع مجزوم بها. "ما" اسم موصول نائب فاعل يقس. "لم يقل" يقل مجزوم بلم، ونائب فاعله يعود على ما، والجملة لا محل لها صلة.