"في الدار رجل، وعندك مال، وقصدك غلامه رجل (١)، وعندي أنك فاضل؛ فإن تأخير الخبر في هذا المثال يوقع في إلباس "أن" المفتوحة بالمكسورة، و"أن" المؤكدة بالتي بمعنى لعل (٢)، ولهذا يجوز تأخيره بعد "أما"؛
= أي: كذلك يمتنع تقديم الخبر؛ إذا كان جملة فعلية على النحو الذي سبق، أو كان محصورا فيه كما بينا، أو كان المبتدأ لازم الصدارة؛ أي: لا يقع إلا في صدر جملته، كقولك: "من لي منجدا؟ "؛ فمن اسم استفهام مبتدأ واجب الصدارة.
ومن المواضع التي يجب فيها تأخير الخبر: أن يكون الخبر مقترنا بالباء الزائدة؛ نحو: ما محمد بمسافر، أو بالفاء؛ نحو: الذي يرائي فمنافق، أو يكون طلبا؛
نحو: السائل لا ترده، أو يكون خبرا عن ضمير الشأن؛ نحو: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾، أو يكون مفصولا عن المبتدأ بضمير الفصل؛ نحو: المؤمن هو المطيع لربه، أو يكون المبتدأ دعاء؛ نحو: سلام عليكم، وويل لكم. وكذلك في المسموع؛ نحو: "راكب الناقة طليحان" أي: متعبان، والأصل: راكب الناقة والناقة طليحان.
(١) فكل من: في الدار، وعندك، وقصدك غلامه، خبر مقدم وجوبا؛ لأنه لو تأخر لتوهم أنه لرجل ومال؛ لأن الجملة وشبهها بعد النكرات صفات.
(٢) ذلك لأنه إذا تقدم المبتدأ يصير التركيب: أنك فاضل عندي؛ فيحتمل فتح "أن" وتكون حرف توكيد ونصب، وهي واسمها وخبرها مبتدأ والظرف خبر، وأن تكون بمعنى لعل -لأنها أحد لغاتها- وعندي متعلق بخبرها، ويحتمل أن تكون مكسورة؛ لأنها في بدء الجملة، وعندي متعلق بخبرها. وهذا اللبس يمتنع عند تقدم الخبر؛ لأن"إن" المكسورة، و"أن" -بمعنى لعل- لا يتقدم معمول خبرهما عليهما.