كقوله:
وأما أنني جزع … يوم النوى فلوجد كاد يبريني (١)
لأن "إن" المكسورة، و"أن" التي بمعنى لعل، لا يدخلان هنا.
وتأخره في الأمثلة الأول يوقع في إلباس الخبر بالصفة.
وإنما لم يجب تقديم الخبر في نحو: ﴿وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ﴾؛ لأن النكرة قد وصفت بمسمى (٢)، فكان الظاهر في الظرف أنه خبر لا صفة.
(١) هذا جزء من بيت من البسيط، لم ينسب لقائل. وتمامه:
عندي اصطبار. . . . . . . . . . . .... . . . . . . . . . .
اللغة والإعراب:
اصطبار: تصبر وتجلد: جزع: شديد الخوف فاقد الصبر، وهو صفة مشبهة من جزع يجزع، من باب علم. النوى: البعد والفراق. الوجد: شدة الحب. يبريني: ينحلني، من بريت القلم إذا نحته. "عندي" خبر مقدم. "اصطبار" مبتدأ مؤخر. "وأما" حرف شرط وتفصيل. "أنني جزع" المصدر المنسبك من أن ومعموليها مبتدأ؛ أي: وأما جزعي "يوم النوى" ظرف متعلق بجزع ومضاف إليه. "فلوجد" الفاء واقعة في جواب الشرط واللام للتعليل والجار والمجرور خبر المبتدأ.
المعنى: إن في طبعي التجلد والتحمل لكل ما ينزل بي من مكروه، وأما جزعي يوم فراق الأحباب؛ فلشدة شوق كاد ينحلني ويقضي علي.
الشاهد: تأخير الخبر عن المبتدأ بعد "أما"، وساغ ذلك من أن المبتدأ مصدر مؤول؛ لأمن اللبس بـ"أن" بمعنى لعل، و"إن" المكسورة؛ لأنهما لا يقعان بعدها: فإن كلا منهما مع معموليها جملة، و"أما" لا يفصل بينها وبين الفاء إلا بمفرد. وأما "أن" المفتوحة المؤكدة فتكون مع معموليها في تأويل مصدر، وذلك مفرد بالتأويل، فتقع بعد "أما".
(٢) فضعف بذلك طلبها للظرف. وقد أشار الناظم إلى هذه المسألة الأولى بقوله:
ونحو عندي درهم ولي وطر … ملتزم فيه تقدم الخبر*
أي: يجب تقدم الخبر إذا كان المبتدأ نكرة ليس لها مسوغ؛ إلا تقدم الخبر، وهو ظرف أو جار ومجرور؛ كما مثل الناظم.
* "ونحو" مبتدأ. "عندي درهم" خبر مقدم ومبتدأ مؤخر. "ولي وطر" مثله. "ملتزم" اسم مفعول خبر نحو. "فيه" متعلق بملتزم. "تقدم" نائب فاعل ملتزم. "الخبر" مضاف إليه والوطر: الغرض والحاجة.