نحو: لولا أنصار زيد حموه (١) ما سلم. ومنه قول أبي العلاء المعري:
فلولا الغمد يمسكه لسالا (٢)
وقال الجمهور: لا يذكر الخبر بعد "لولا"(٣)، وأوجبوا جعل الكون الخاص مبتدأ؛ فيقال: لولا مسالمة زيد إيانا؛ أي: موجودة. ولحنوا المعري (٤)، وقالوا: الحديث مروي بالمعنى (٥).
(١)" حموه" خبر أنصار؛ وهو كون مقيد بالحماية؛ والدليل لفظ أنصار؛ لأن من شأن الناصر أن يحمي من ينصره.
(٢) عجز بيت من الوافر؛ لأبي العلاء أحمد بن عبد الله التنوخي المعري، الشاعر اللغوي، نادرة زمانه حفظا وذكاء، المتوفى سنة ٤٤٩ هـ، يصف سيفا. وصدره:
يذيب الرعب منه كل عضب
اللغة والإعراب:
يذيب: يسيل؛ من الإذابة؛ وهي إسالة الحديد ونحوه. الرعب: الخوف والفزع. عضب: هو السيف القاطع. الغمد: قراب السيف. "الرعب" فاعل يذيب. "كل عضب". مفعوله، ومضاف إليه. "فلولا" حرف امتناع وشرط "العمد" مبتدأ "يمسكه" الجملة خبر. "لسالا" اللام واقعة في جواب لولا، وفاعل سال يعود إلى العضب، والألف للإطلاق، والجملة جواب لولا.
المعنى: أن كل سيف قاطع يذوب في غمده؛ فزعا وخوفا من هذا السيف، ولولا أن الغمد يمسكه ويمنعه من السيلان؛ لسال وجرى على الأرض من شدة الخوف.
الشاهد: ذكر الخبر؛ وهو "يمسكه" بعد لولا؛ لأنه كون خاص؛ مقيد بالإمساك، وقد دل عليه دليل؛ لأن من شأن غمد السيف إمساكه.
(٣) بل يكون محذوفا وجوبا؛ لأنه لا يكون إلا كونا عاما عندهم.
(٤) والمعري لا يحتج بشعره، وقد جاء به المصنف؛ للتمثيل لا للاحتجاج.
(٥) قيل: كان خيرا للجمهور بدلا من تلحين المعري؛ لأن مثله ورد في شعر آخر موثوق بعربيته، والتشكيك في الحديث: أن يجعلوا "يمسكه" في تأويل مصدر؛ بدل اشتمال من الغمد، وأصله: أن يمسكه؛ فلما حذفت "أن" ارتفع الفعل، كما مر في قولهم "تسمع بالمعيدي".