الثانية: أن يكون المبتدأ صريحا في القسم (١)؛ نحو: لعمرك لأفعلن (٢)، وايمن الله (٣) لأفعلن؛ أي: لعمرك قسمي، وايمن الله يميني. فإن قلت: عهد الله لأفعلن؛ جاز إثبات الخبر؛ لعدم الصراحة في القسم (٤).
وزعم ابن عصفور أنه يجوز في نحو: لعمرك لأفعلن، أن يقدر: لقسمي عمرك، فيكون من حذف المبتدأ (٥).
الثالثة: أن يكون المبتدأ معطوفًا عليه اسم بواو؛ هي نص في المعية (٦)؛ نحو: كل رجل وضيعته (٧)، وكل صانع وما صنع.
(١) أي: إنه لا يستعمل إلا فيه غالبًا؛ بحيث يدرك السامع أنه قسم قبل أن يسمع المقسم عليه.
(٢) معناه: أقسم بحياتك؛ من عمر الرجل، عاش طويلا. "لعمرك" اللام للابتداء، "عمرك" مبتدأ ومضاف إليه، والخبر محذوف وجوبا؛ أي: قسمي "لأفعلن" اللام للقسم، وأفعلن مضارع مبني على الفتح؛ لاتصاله بنون التوكيد؛ والفاعل أنا.
(٣) أي: بركته؛ من اليمن؛ وهو البركة.
(٤) لأن العهد قد يستعمل في غير القسم؛ نحو: عهد الله يجب الوفاء به، ولا يفهم منه القسم؛ إلا بذكر المقسم عليه.
(٥) قول ابن عصفور هذا ضعيف؛ لأن صراحة القسم تحتم أن يكون المحذوف الخبر؛ وهو "قسمي"، وأيضا: وجود لام الابتداء في أول الاسم يدل على أن مدخولها هو المبتدأ لا الخبر.
(٦) المراد بالمعية هناك: مشاركة ما بعد الواو لما قبلها في أمر؛ بحيث يجتمعان فيه ولا يفترقان؛ وعلامة الواو التي تفيد هذين الأمرين معا؛ وهما العطف والمعية وتكون نصا في المعية؛ أي يصح حذفها، ووضع كلمة "مع" مكانها، ولا يتغير المعنى؛ بل يتضح، وهي غير التي ينصب بعدها الاسم على أنه مفعول معه؛ كما تقدم.
(٧) إنما وجب حذف الخبر في هذا ونحوه؛ للعلم به وسد الواو مسده؛ لأنها وما بعدها يدلان على المصاحبة والاقتران؛ فهي قائمة مقام "مع"، ولو جيء بـ"مع" مكانها كان الكلام تاما. ويقال في الإعراب "كل رجل"، مبتدأ ومضاف إليه. "وضيعته" معطوف على كل، والخبر محذوف وجوبًا؛ أي: متلازمان، أو مقترنان. والضيعة: الحرفة؛ سميت بذلك؛ لأن صاحبها يضيع بتركها.