للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجازه بقية الكوفيين. وخص ابن كيسان المنع بغير "زال" وأخواتها؛ لأن نفيها إيجاب (١)، وعمم الفراء المنع في حروف النفي، ويرده قوله:

على السن خيرا لا يزال يزيد (٢)

=

كذاك سبق خبر "ما" النافيه … فجئ بها متلوة لا تاليه*

أي: إن جميع النواسخ السابقة، يجوز فيها توسط الخبر بين العامل واسمه. وكل النحاة حظر -أي: منع- سبق خبر دام عليها. وقد بينا أن الممنوع تقديمه على ما دام، لا على دام وحدها. كذلك منع كل النحاة سبق الخير على "ما" النافية، ويجب أن تكون متلوة -أي: سابقة- يتلوها غيرها، لا تالية غيرها؛ فلا تجيء بعده.

(١) أي: لأنها للنفي، ونفي النفي إيجاب؛ فكأنه لم تكن هنالك "ما" النافية المستحقة للتصدير. وابن كيسان هو: أبو الحسن محمد بن إبراهيم بن كيسان النحوي. كان يحفظ المذهبين البصري والكوفي في النحو؛ لأنه أخذ عن المبرد وثعلب، لكنه كان إلى المذهب البصري أميل. قال فيه أبو حيان التوحيدي: ما رأيت مجلسا أكثر فائدة، وأجمع لأصناف العلوم والتحف والنتف، من مجلسه، وكان يجتمع على بابه عشرات الدواب للرؤساء والأشراف الذين يقصدونه. وكان إقباله على صاحب المرقعة والخلق، كإقباله على صاحب الديباج والدابة والغلام. ومن تصانيفه: المهذب في النحو، وعلل النحو، وما اختلف فيه البصريون والكوفيون، وغلط أدب الكاتب. وتوفي سنة ٣٢٠ هـ.

(٢) عجز بيت من الطويل للمعلوط القريعي، وصدره:

ورج الفتى للخير ما إن رأيته

اللغة والإعراب: رج: أمر من الترجية بمعنى الرجاء؛ وهو الأمل وتوقع الخير. الفتى: الشاب. على السن: أي على زيادة العمر. "الفتى" مفعول أول لرج. "للخير" مفعول ثان. =


* "وفي جميعها" متعلق بتوسط، وهو مضاف إلى هنا. "توسط" مفعول أجز. "الخبر" مضاف إليه. "وكل" مبتدأ. "سبقه" مفعول حظر، والهاء مضاف إليه عائدة على الخبر، من إضافة المصدر لفاعله. "دام" مفعوله قصد لفظه. "حظر" فاعله يعود إلى "كل"، والجملة خبر المبتدأ. "كذاك" خبر مقدم. "سبق" مبتدأ مؤخر. "خبر" مضاف إليه وهو فاعل لسبق، من إضافة المصدر لفاعله. "ما" مفعول سبق. "النافية" صفة لها. "بها" متعلق بجئ. "متلوة" حال من الهاء في بها. "لا" حرف عطف. "تاليه" معطوفة على متلوة.

<<  <  ج: ص:  >  >>