والغالب في خبر عسى وأوشك الاقتران بها (١)؛ نحو: ﴿عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ﴾. وقوله:
ولو سئل الناس التراب لأوشكوا … إذا قيل هاتوا أن يملوا ويمنعوا (٢)
والتجرد قليل؛ كقوله:
عسى الكرب الذي أمسيت فيه … يكون وراءه فرج قريب (٣)
(١) كان القياس في "عسى" وجوب اقتران خبرها بأن؛ لأنها من أفعال الرجاء، غير أنه اغتفر فيها ذلك لشهرتها. والجمهور على أن التجريد فيها خاص بالشعر.
(٢) بيت من الطويل، أنشده ثعلب في أماليه عن ابن الأعرابي، ولم ينسبه.
اللغة والإعراب:
لأوشكوا: لقربوا. يملوا: يسأموا ويضجروا. "لو" حرف شرط غير جازم "الناس" نائب فاعل "سئل" الواقع فعلا للشرط. "التراب" مفعول ثان. له "لأوشكوا" اللام واقعة في جواب الشرط، "أوشك" فعل ماض ناقص والواو اسمها. "إذا" ظرف مضمن معنى الشرط. "قيل" ماض للمجهول فعل الشرط، ونائب الفاعل محذوف؛ أي: لهم. "هاتوا" فعل أمر وفاعله، والجملة مقول القول. "أن" مصدرية. "يملوا" مضارع منصوب بحذف النون، والجملة خبر أوشك.
المعنى: لو سئل الناس إعطاء التراب -وهو شيء تافه لا قيمة له- لكرهوا الطلب، وقاربوا أن يمنعوه إذا قيل لهم هاتوا؛ وذلك لما طبعوا عليه من الحرض، أو لكراهة الطلب.
الشاهد: مجيء خبر أوشك -وهو "يملوا"- جملة فعلية مقرونة بأن؛ كعسى، وذلك كثير. وقد ورد أوشك بصيغة الماضي، وفيه رد على من أنكر استعمال الماضي من يوشك.
(٣) بيت من الواو لهدبة بن خشرم العذري، قاله وهو سجين من أجل قتيل قتله.
اللغة والإعراب:
الكرب: الهم والحزن. أمسيت: المراد صرت، يروى بضم التاء. وبفتحها، على أنه يخاطب ابن عمه، وكان سجينا معه. فرج، أي: كشف للكرب والغم. "الكرب" اسم عسى. "الذي" صفة للكرب. "أمسيت فيه" الجملة من أمسى ومعموليها صلة الموصول. "يكون" مضارع ناقص، واسمها يعود على الكرب. "وراءه" ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر مقدم ومضاف إليه. "فرج" مبتدأ مؤخر. "قريب" صفة لفرج، والجملة من المبتدأ والخبر في محل نصب خبر يكون، وجملة يكون خبر "عسى". المعنى: واضح. الشاهد: وقوع خبر عسى مضارعا مجردا من "أن" وذلك قليل.