وهو حينئذ حرف وفاقًا للسيرافي، ونقله عن سيبويه؛ خلافًا للجمهور في إطلاق القول بفعليته (١)، ولابن السراج في إطلاق القول بحرفيته.
والثامن "لا" النافية للجنس: وستأتي. ولا يتقدم خبرهن مطلقًا (٢)، ولا يتوسط إلا إذا كان الحرف غير "عسى"، و"لا"، (٣) والخبر ظرفًا، أو مجرورًا (٤)؛ نحو: ﴿إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالًا﴾، ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً﴾.
المعنى: كان عمران هذا سنيا، وقد تزوج امرأة من الخوارج؛ أملًا في أن يردها عن مذهبها، فغلبت عليه، وأضلته عن مذهبه، فهو يقول: إن نفسي لا تطاوعني إذا أردت مغاضبة زوجي ومخاصمتها، وأقول لها: لعلي أنال ما أريد وأبغي.
الشاهد: استعمال "عسى" حرف بمعنى "لعل"، واسمه حينئذ ضمير، وخبره محذوف كما ذكرنا. والتقدير: عساني: عساني أن أنال منها ما أريد، مثلا.
(١) أي: سواء أكان بمعنى "لعل" أم لا.
ويتبين مما تقدم: أن في "عسى" أقوالًا ثلاثة: فعل مطلقًا. وحرف مطلقًا، التفصيل: إن عملت عمل "لعل" كانت حرفًا، وإلا فهي فعل. وهذا كله في "عسى" الجامدة، أما "عسى" المتصرفة ففعل باتفاق، ومعناها: اشتد؛ كقول الشاعر:
"لولا الحياء وأن رأسي قد عسى … فيه المشيب لزرت أم القاسم
(٢) أي: لا يتقدم خبر هذه الأحرف الثمانية عليها مطلقًا، ولو كان ظرفًا أو جارًا ومجرورًا، وذلك لعدم تصرفها. وهي ملازمة للصدارة، وحملت "أن" المفتوحة على المكسورة.
(٣) لأن شرط عملهما اتصال اسميهما بهما، فلو قدم خبر إحداهما على الاسم، لفصل بينها وبين الاسم، ففات شرط إعمالها.
(٤) فيجوز حينئذ توسطه؛ لأنه يتوسع فيهما لكثرتهما. قال الناظم: =