سَكَنٌ لَهُمْ﴾؛ ومثله (١): "لبيك إن الحمد والنعمة لك" (٢).
الرابع: أن تقع بعد فعل قسم، (٣) ولا لام بعده؛ كقوله:
أو تحلفي بربك العلي … أني أبو ذيالك الصبي (٤)
فالكسر على الجواب، والبصريون يوجبونه، والفتح بتقدير"على"
(١) أي ومثل: إنه هو البر الرحيم في جواز الأمرين، لا مثل: ﴿إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ﴾؛ لأنه بالكسر على أنه تعليل مستأنف.
(٢) يروى بكسر "إن" وفتحها؛ فالفتح على تقدير لام العلة، والكسر على أنه تعليل مستأنف. قيل: وهو أرجح؛ لأن الكلام يصير حينئذ جملتين لا جملة واحدة، وتكثير الجمل في مقام التعظيم مطلوب.
(٣) سواء كان مذكورا حقيقة، أو حكما بأن كان مقدرا جائز الذكر؛ وذلك إذا كان حرف القسم الباء، دون الواو والتاء.
(٤) بيت من الرجز، ينسب لرؤبة بن العجاج. وقبله:
لتقعدن مقعد القصي … مني ذي القاذورة المقلي
اللغة والإعراب:
القصي: البعيد النائي. القاذورة: القذر والوسخ، ويطلق على الفاحشة، والمراد بذي القاذورة: الذي لا يصاحب لسوء خلقه. المقلي: المبغض المكروه؛ من قلاه يقليه، أبغضه. ذيالك: تصغير ذلك على غير قياس؛ لأن المبني لا يصغر. "أو" حرف عطف بمعنى "إلا". "تحلفي" مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد "أو" وعلامة نصبه حذف النون والياء فاعل. "العلي" صفة لرب. "أني" أن واسمها. "أبو" خبرها مرفوع بالواو. "ذيالك" اسم إشارة مضاف إليه في محل جر، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب. "الصبي" بدل من اسم الإشارة.
المعنى: قيل: إنه قدم من سفر، فوجد امرأته قد ولدت غلاما، فأنكره، وقال هذين البيتين. وقيل: هما لأعرابي قدم من سفر فوجد امرأته قد وضعت ولدا فأنكره؛ أي: والله لتجلسن أيتها المرأة بعيدة مني، في المكان الذي يجلس فيه، الشخص المطرود المبغض، الذي يتحاشاه الناس، لقذره ودنيء أخلاقه؛ إلى أن تحلفي بربك المنزه عن كل نقص أني أبو هذا المولود.
الشاهد: في "أني" رويت بكسر الهمزة وفتحها؛ فمن كسرها اعتبر "إن" ومعموليها جملة لا محل لها جواب القسم، ومن فتحها جعلها مع معموليها في تأويل مصدر مجرور بحرف جر محذوف متعلق بتحلفي؛ وقد سدت مسد الجواب؛ أي: أو تحلفي على أبوتي لهذا الصبي. ولا يصح أن تكون جوابًا: لأن جواب القسم لا يكون إلا جملة.