فإن عطفت، ولم تكرر لا، وجب فتح الأول، وجاز في الثاني: النصب، والرفع (١)؛ كقوله:
فلا أب وابنا مثل مروان وابنه (٢)
= صالح لعمل "لا"؛ بأن كان معرفة، تعين الرفع.
وفيما تقدم من أوجه، يقول الناظم:
وركب المفرد فاتحا كلا … حول ولا قوة والثاني اجعلا
مرفوعا أو منصوبا أو مركبا … وإن رفعت أولًا لا تنصبا*
أي: ركب الاسم المفرد مع "لا"، فاتحا إياه؛ أي: أن تجعله مبنيا على الفتح، بسبب التركيب مع "لا"؛ وذلك مثل "لا حول ولا قوة". واجعل الثاني بعد "لا" المكررة، مرفوعا أو منصوبا، أو مركبا مع "لا"؛ فيكون مبنيا على الفتح. ثم بين أن جواز هذه الأوجه الثلاثة إذا كان اسم "لا" الأولى غير مرفوع؛ فإن كان مرفوعا، لم يجز في اسم "لا" المكررة النصب؛ بل يجوز فيه الرفع، أو البناء على الفتح لا غير. وقد بين ذلك كله بإيضاح.
(١) أي: مطلقا؛ سواء أكان مفردا، أم غير مفرد، وكذلك الاسم المعطوف عليه. ويكون النصب بالعطف على محل اسم "لا" الأولى، والرفع على محلها؛ باعتبار أصلها قبل دخول "لا" وقد علمت أن أصلها مبتدأ مرفوع، أو على "لا" مع اسمها، وهما بمنزلة المبتدأ.
(٢) صدر بيت من الطويل، ينسب لرجل من بني عبد مناة، يمدح مروان بن الحكم، وابنه عبد الملك. وعجزه:
إذا هو بالمجد ارتدى وتأزرا
=
* "فاتحا" حال من ضمير ركب متعلقه محذوف؛ أي: فاتحا له. "كلا" الكاف جارة لقول محذوف. "لا" نافية للجنس، "حول" اسمها مبني على الفتح، وخبرها محذوف؛ أي: موجود. "ولا قوة" إعرابها مثل لا حول "والثاني" -بحذف الياء للضرورة- مفعول أول لاجعل. "اجعلا" فعل أمر مبني على الفتح؛ لاتصاله بنون التوكيد؛ المنقلبة ألفا للوقف. "مرفوعا" مفعول ثان لاجعل، وما بعده معطوف عليه. "وإن" شرطية. "رفعت" فعل الشرط في محل جزم، وتاء المخاطبة فاعل "أولا" مفعول. "لا" ناهية. "تنصبا" مضارع مبني على الفتح، في محل جزم، لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة، المنقلبة ألفا، والفاعل أنت، والجملة جواب الشرط، وقد حذفت منه الفاء للضرورة؛ أي: فلا تنصب، ومفعول تنصب محذوف؛ أي" الثاني.