للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله:

وقد زعمت أني تغيرت بعدها (١)

والثالث: ما يرد بالوجهين (٢) والغالب كونه لليقين، وهو اثنان: رأى (٣) وعلم (٤)؛ كقوله -جل ثناؤه: ﴿إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا وَنَرَاهُ قَرِيبًا﴾ (٥).

(١) صدر بيت من الطويل، لكثير عزة، وعجزه:

ومن ذا الذي يا عز لا يتغير

اللغة والإعراب:

زعمت: ظنت. تغيرت: تغير جسمي فأصبح هذيلا شاحب اللون. "أني تغيرت" الجملة من أن ومعموليها سدت مسد مفعولي زعم. "ومن ذا" مبتدأ. "الذي" خبر، أو "من" مبتدأ، "ذا" خبر، والذي بدل. "يا عز" يا:

حرف نداء، و"عز" منادى مرخم. "لا يتغير" الجملة صلة الموصول.

المعنى: ظنت عزة وهي تتحدث عني، لما رأته من تحول في بدني، وشحوب في لوني، وهزال في جسمي، أني تغيرت بعد فراقها والبعد عنها. ثم رجع وقال: ومن الذي لا يتغير بعد ما عانى من الوجد وألم الشوق والبعد؟

الشاهد: استعمال "زعم" بمعنى ظن، وتعديته للمفعولين بواسطة "أن" وصلتها، وهو الكثير فيها.

(٢) أي: يكون بمعنى اليقين أحيانا، وبمعنى الرجحان أحيانا أخرى، والقرينة تعين المراد.

(٣) تأتي بمعنى "علم" كثيرا، وبمعنى "ظن" قليلا؛ فإن كانت بصرية، أو من أصاب رئته، تعددت لواحد، وستأتي رأى الحلمية قريبا.

(٤) تأتي بمعنى" تيقن" كثيرا، وبمعنى "ظن" قليلا، أما علم بمعنى "عرف" فتتعدى لواحد، وسيبين المصنف ذلك. وعلم، بمعنى: انشقت شفته العليا. لازم. يقال: علم الرجل فهو أعلم، والأفلح: مشقوق الشفة السفلى.

(٥) اجتمع في هذه الآية المعنيان؛ أي: يظنون البعث ممتنعا، ونعلمه واقعا لا محالة، فالأولى للرجحان، والثانية لليقين.

<<  <  ج: ص:  >  >>