للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا﴾ (١)، ﴿وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ﴾ (٢)، وتقول: رأى أبو حنيفة حل كذا، ورأى الشافعي حرمته (٣)، وحجوت بيت الله (٤). وترد وجد بمعنى حزن، أو حقد فلا يتعديان (٥). وتأتي هذه الأفعال وبقية أفعال الباب لمعان أخر غير قلبية فلا تتعدى لمفعولين (٦). وإنما لم يحترز عنها؛ لأنها لم يشملها قولنا: "أفعال القلوب".

الثاني: ألحقوا رأي الحلمية (٧) برأي العملية في التعدي لاثنين؛ كقوله:

أراهم رفقتي حتى إذا ما (٨)

ومصدرها الرؤيا؛ نحو: ﴿هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَاي مِنْ قَبْلُ﴾. ولا تختص الرؤيا

(١) معنى لا تعلمون: لا تعرفون. و"شيئا" مفعوله.

(٢) بظنين -على قراءة الظاء- أي: بمتهم.

(٣) معنى رأى في هذا المثال: اعتقد، فيتعدى لمفعول واحد؛ هو لفظ "حل" للأولى، و"حرمة" للثانية.

وقال الرضي: إن رأى التي من الرأي بمعنى الاعتقاد، تتعدى أحيانا لاثنين؛ مثل: رأى أبو حنيفة كذا حلالا، ورأى الشافعي كذا حراما. وتارة تتعدى لواحد هو مصدر ثاني هذين الفعلين مضافا إلى أولهما؛ كما ذكر المصنف.

قال الصبان: "وهذا صريح في جواز استعمال أفعال هذا الباب متعدية إلى واحد هو مصدر ثاني الجزأين مضافا إلى أولهما، من غير تقدير مفعول ثان؛ لأن هذا المصدر هو المفعول به في الحقيقة". وهو قول وجيه.

(٤) حجوت بمعنى قصدت ونويت. و"بيت الله" مفعوله ومضاف إليه.

(٥) تقول: وجد محمد على أبيه؛ أي: حزن أو حقد. وتقدم القول في ذلك.

(٦) ذكرنا المشهور من هذه المعاني عند ذكر كل فعل؛ فتنبه.

(٧) أي: الدالة على الرؤيا المنامية.

(٨) صدر بيت من الوافر، لعمرو بن أحمر الباهلي، من قصيدة يذكر فيها جماعة من قومه فارقوه ولحقوا بالشام؛ فصار يراهم في منامه، وعجزه: =

<<  <  ج: ص:  >  >>