للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله:

ما خلتني زلت بعدكم ضمنًا (١)

تنبيهان الأول: ترد علم بمعنى عرف (٢)، وظن بمعنى اتهم (٣)، ورأى بمعنى الرأي؛ أي: المذهب (٤)، وحجا بمعنى قصد، فيتعدين إلى واحد؛ نحو: ﴿وَاللَّهُ

(١) صدر بيت من المنسرح، أنشده خلف الأحمر من الكوفيين، ولم ينسبه، وعجزه:

أشكو إليكم حموة الألم

اللغة والإعراب:

ضمنا: زمنا مبتلى. حموة الألم: شدته وسورته. "ما خلتني" ما نافية. "خلت" فعل وفاعل، والنون للوقاية، والياء مفعول. "زلت" فعل ماض ناقص، والتاء اسمها. "بعدكم" ظرف متعلق بضمنا الواقع مفعولا ثانيا لخلت. "أشكو" فعل مضارع، والجملة خبر زال. "حموة" مفعول أشكو. "الألم" مضاف إليه. ويجوز أن يكون "ضمنا" خبر زال، وجملة "أشكو" هي مفعول "خال" الثاني.

المعنى: يقول لمن فارقهم من الأحبة: ما ظننت أني سأبقى بعد فراقكم وبعدكم عني، مريضا أشكو شدة الألم من البعد والفراق والشوق إليكم.

الشاهد: استعمال خال بمعنى الرجحان، ونصبه مفعولين كما ذكرنا في الإعراب.

(٢) ويكون مصدرها العلم بمعنى العرفان؛ تقول: علمت الخبر؛ أي: عرفته.

(٣) ومصدرها الظن بمعنى الاتهام؛ تقول: اختفت النقود فظننت الخادم؛ أي: اتهمته. وإلى هذين يشير الناظم بقوله:

لعلم عرفان وظن تهمه … تعدية لواحد ملتزمه*

أي: للعلم الدال على معنى العرفان، والظن الذي معناه التهمة؛ يرين أن علم إذا كانت بمعنى عرف، ومصدرها العرفان، وظن إذا كانت بمعنى اتهم، ومصدرها الظن بمعنى الاتهام، تعدت كل منهما إلى مفعول واحد. وخصهما الناظم بالتنبيه؛ لأنهما الأصل؛ ولأنهما لا يخرجان عن القلبية. أما غيرهما فينصب مفعولين حملًا عليهما، ويخرج عن القلبية غالبًا.

(٤) فيكون معنى رأى ذهب واعتقد.


* "لعلم" متعلق بمحذوف خبر مقدم. "عرفان" مضاف إليه. "وظن" معطوف على علم. "تهمه" مضاف إليه "تعدية" مبتدأ مؤخر. "لواحد" متعلق به. "ملتزمة" نعت لتعدية.

<<  <  ج: ص:  >  >>