الناظم: وعن الأكثرين الإجازة مطلقا؛ لقوله -تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ (١)، ﴿فَهُوَ يَرَى﴾ (٢)، ﴿وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ﴾ (٣). وقولهم: من يسمع يخل (٤). وعن الأعلم (٥): يجوز في أفعال الظن دون أفعال العلم (٦).
ويمتنع بالإجماع حذف أحدهما اقتصارًا (٧)
(١) قيل؛ التقدير: يعلم الأشياء كائنة، أو نحو ذلك.
(٢) التقدير: يرى ما يعتقد حقا. وقيل: إن الحذف في هذه الآية لدليل؛ لأن قوله -تعالى: ﴿أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ﴾؛ يشعر بالمفعولين.
(٣) أي: ظننتم انقلاب الرسول والمؤمنين إلى أهليهم منتفيا أبدا، فحذف ما يسد مسد المفعولين "ظن السوء" مفعول مطلق مفيد للنوع. والحق أن الحذف هنا اختصارا؛ لوجود دليل؛ لأن قوله -تعالى: ﴿بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ﴾ يشعر بمفعولين، أو بما يسد مسدهما؛ وهو: أن لن ينقلب … إلخ.
(٤) أي: يظن مسموعه حقا. وجعله جماعة منهم الرضي، من الحذف لدليل؛ لدلالة "يسمع" على المفعول الأول، وحال التخاطب على المفعول الثاني.
(٥) هو يوسف بن سليمان بن عيسى النحوي الشنتمري، المعروف بالأعلم. كان عالما بالعربية واللغة ومعاني الأشعار، حافظا لها. مشهورا بضبطها وإتقانها، رحل إلى قرطبة، وأخذ عن علمائها، وصارت إليه الرحلة في زمانه. ومات سنة ٤٧٦ هـ.
(٦) حجته: كثرة السماع في الأولى دون الثانية.
(٧) أي: بغير دليل؛ وذلك لأن المفعولين هنا أصلهما المبتدأ والخبر؛ فكما لا يجوز الإتيان بمبتدأ دون خبر، والعكس قبل دخول الناسخ، فكذلك الشأن بعد دخوله. ولأنك إذا قلت: علمت محمدا فاضلا مثلا؛ فالتقدير: علمت فضل محمد؛ لأن المقصود العلم بالصفة، والموصوف ذريعة إلى ذلك، فالمفعول في الحقيقة جملة الفعلين، وحذف أحدهما؛ كحذف جزء الكلمة، وذلك قليل أو ممنوع.
وإلى امتناع حذف المفعولين أو أحدهما اقتصارا، أشار الناظم في إيجاز بقوله:
ولا تجز هنا بلا دليل … سقوط مفعولين أو مفعول
أي: لا تجز في هذا الباب سقوط مفعولين؛ أي: حذفهما، أو مفعول، بدون دليل يدل على المحذوف.