للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرابع: أنه يصح حذف فعله إن أجيب به نفي كقولك: "بلى زيد، لمن قال: ما قام أحد (١)، أي بلى قام زيد، ومنه قوله:

تجلدت حتى قيل لم يعر قلبه … من الوجد شيء قلت: بل أعظم الوجد (٢)

أو استفهام محقق (٣)، نحو: نعم زيد، جوابًا لمن قال: هل جاءك؟ ومنه: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّه﴾.

أو مقدرة كقراءة الشامي (٤)، وأبي بكر: ﴿يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَال

(١) فزيد فاعل لفعل محذوف، يدل عليه مدخول النفي، وهو قام، والجملة فعلية.

(٢) بيت من الطويل، لم ينسبه النحاة لقائل.

اللغة والإعراب: تجلدت: تكلفت الجلد والصبر على الهموم، لم يعر: لم يغش ولم ينزل، الوجد: الشوق والحب: تجلدت" فعله وفاعل، "حتى" حرف غاية. "يعر" مضارع مجزوم بلم، "قلبه" مفعول يعر" ومضاف إليه، "من الوجد" جار ومجرور متعلق بيعر، "شيء" فاعله، "بل" حرف للإضراب، "أعظم" فاعل لفعل محذوف، أي بل عراه أعظم، "الوجد" مضاف إليه.

المعنى: تكلفت الصبر والجلد على بعد المحبوبة وهجرها، ولم أظهر شيئا من الحب والشوق إليها، حتى أعتقد الناس أن حبها لم يتمكن من قلبي، والحقيقة أن ما حل بقلبي من الشوق، والمحبة أعظم ما يتصور.

الشاهد: ارتفاع "أعظم" بفعل محذوف، مجاب به على الكلام، منفي سابق، وهو قولهم: "لم يعر قلبه من الوجد شيء"، والمراد النفي بالجملة الفعلية، فإن كان النفي بالجملة الاسمية، فلا يترجح كون المرفوع فاعلًا.

(٣) أي أم أجيب به استفهام محقق، أي ملفوظ به ظاهر الأداة، وإن كان في حيز شرط لا يوجد مدلوله في الخارج نحو: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُم﴾ … الآية.

(٤) هو أبو عمران، عبد الله بن عامر بن زيد، إمام أهل الشام، كان تابعيًا جليلًا، أم

<<  <  ج: ص:  >  >>