للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما توسط المعمول جوازًا، فنحو: ﴿وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُر﴾، وقولك: "خاف ربه عمر" (١)، وقال:

كما أتى ربه موسى على قدر (٢)

(١) " ربه" مفعول مقدم، و"عمر" فاعل مؤخر، والضمير في "ربه" عائد على "عمر"، وهو متأخر لفظًا متقدم رتبة، والمراد: عمر بن الخطاب .

(٢) عجز بيت من البسيط لجرير، من قصيدة يمدح فيها سيدنا عمر بن عبد العزيز: وصدره:

جاء الخلافة أو كانت له قدرا

اللغة والإعراب: قدرًا: أي مقدرة في الأزل، على قدر: أي على تقدير من الله، "جاء" فعل ماض والفاعل يعود على سيدنا عمر، "الخلافة" مفعول، "أو" حرف عطف بمعنى الواو، ويروى بدلها "إذا"، "كانت" فعل ماض ناقص والتاء للتانيث واسمها يعود على الخلافة له، "له" متعلق بقدر الواقع خبرًا لكان، "كما" الكاف جارة، "ما" مصدرية "ربه" مفعول مقدم لأتى ومضاف إليه، و"ما" وما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بالكاف، "موسى" فاعل مؤخر يأتي، "على قدر" متعلق بأتى.

المعنى: تولى عمر الخلافة وكان بتقدير الله سبحانه، فانتشل المسلمين من الظلم وأقام بينهم صرح العدل، كما أتى موسى ربه، وكلمه بقضائه وقدره، فأبان للخلق طريق الحق، قال تعالى: ﴿ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى﴾.

الشاهد: تقديم المفعول وهو "ربه" على الفاعل وهو "موسى"، وقد أعاد الضمير المتصل بالمفعول المتقدم على الفاعل المتأخر، وهذا شائع في كلام العرب؛ لأن الضمير عاد على متأخر لفظًا، إلا أنه متقدم رتبة، ويسمى هذا المتقدم حكمًا.

قال الناظم مشيرًا إلى ذلك:

وشاع نحو "خاف ربه عمر … وشذ نحو "زان نوره الشجر

أي شاع في الأساليب العربية عود الضمير من المفعول المتقدم على فاعله المتأخر، نحو: "خاف عمر ربه"، وشذ عود الضمير من الفاعل على مفعوله المتأخر، نحو: "زان نوره الشجر"، لأن يكون عائدًا على متأخر لفظا ورتبة، وهذا ممنوع لا يقاس عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>