وقال ابن درستويه والسهيلي وتلميذه الرندي (١): النائب ضمير المصدر (٢)، لا المجرور؛ لأنه لا يتبع على المحل بالرفع (٣)؛ ولأنه يقدم، نحو: ﴿كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾ (٤)؛ ولأنه إذا تقدم لم يكن مبتدأ، وكل شيء ينوب عن الفاعل، فإنه إذا تقدم كان مبتدأ (٥)؛ ولأن الفعل لا يؤنث له في نحو: مر بهند (٦)، ولنا (٧) قولهم: "سير بزيد
"رب" فإنها تجر النكرات فقط، وحروف القسم، فإنها لا تجر إلا مقسمًا به، وكحروف الجر التي للاستثناء -وهي: خلا وعدا وحاشا- فإنها لا تجر إلا المستثنى به، وكذلك يشترط ألا يكون حرف الجر دالًا على التعليل، كاللام والباء ومن، ومن، إذا أتي بها للتعليل، فلا يصح وقوع شيء من ذلك مع مجروره -نائب فاعل.
(١) هو أبو علي، عمر بن عبد الحميد الرندي، نسبة إلى "رندة" حصن أو قرية من قرى الأندلس، كان أستاذا في النحو من تلاميذ السهيلي، وله شرح على جمل الزجاجي، وهو مقرئي كتاب سيبويه.
(٢) أي المفهوم من الفعل المستتر فيه، والتقدير عندهم: ولما سقط هو -أي السقوط، وسير هو -أي السير.
(٣) أي على محل المجرور، إذا ناب عن الفاعل، فلا يقال: مر بزيد الظريف - برفع الظريف، كما لا يقال: مر بزيد ومحمد- برفع محمد، ولو كان المجرور نائبا عن الفاعل لجاز في نائبه الرفع، كما جاز في تابع الفاعل المجرور بالمصدر في قول الشاعر:
طلب المعقب حقه المظلوم
برفع "المظلوم" على محل "المعقب".
(٤) فلو كان "عنه" هو النائب لما تقدم على عامله وهو "مسئولا"، كما لا يتقدم الفاعل -وهو الأصل- على عامله.
(٥) تقول: الزيت كيل، ورمضان صميم، كما أن الفاعل إذا تقدم كان مبتدأ، نحو: محمد قام.
(٦) أي: وكل مؤنث ينوب عن الفاعل يؤنث له الفعل، تقول: ضربت زينب. هذه أربع شبه جعلتهم يقولون: إن المجرور ليس هو النائب عن الفاعل.
(٧) أي معشر الجمهور من الأدلة على نيابة المجرور عن الفاعل -في لسان العرب.