للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرفع (١)؛ لأن "أما" تقطع ما بعدها عما قبلها، وقرئ: ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ﴾ بالنصب على حد: زيدا ضربته (٢)، و"حتى" و"لكن" و"بل" كالعاطف، نحو: ضربت القوم حتى زيدا ضربته.

الخامسة: أن يتوهم في الرفع أن الفعل صفة: نحو: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاه﴾ (٣)، وإنما لم يتوهم ذلك مع النصب (٤)؛ لأن الصفة لا تعمل في الموصوف، وما لا يعمل لا يفسر عاملًا.

ومن ثم (٥) وجب الرفع إن كان الفعل صفة، نحو: ﴿وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي

(١) أي لوجود الفصل بين العاطف والاسم بأما، فأصبح ما بعدها مستأنفا مقطوعا عما قبلها، وهذا ما لم يرجح النصب مرجح، كوقوع الاسم قبل فعل ذي طلب، كأكرم محمدًا، وأما عمر فأهنه.

(٢) "ثمود" منصوب بفعل محذوف يفسره "هدينا"، والتقدير: وأما ثمود فهدينا هديناهم. ولا يقدر الفعل قبل ثمود، لئلا يفصل بين "أما" و"الفاء" بجملة تامة، وذلك ممنوع، ولا يقال: إن ما بعد الفاء لا يعمل فيما قبلها، فلا يفسر عاملًا؛ لأن الفاء هنا ليست في محلها الأصلي، فلا تمنع من العمل.

(٣) فإنه يحتمل مع رفع "كل": أن جملة "خلقناه" خبر عنه، ويحتمل أنها صفة لشيء، والخبر قوله: "بقدر"، وهذا يوهم وجد شيء لا بقدر لكونه غير مخلوقه له تعالى، كأفعال العباد الاختيارية وأفعال الشر، وهذا رأي المعنزلة، ولا يرتضيه أهل السنة، أما النصب فنص في عموم خلق الأشياء، خيرها وشرها بقدر، وهو المقصود عند أهل السنة، كما هو الحال عند إعراب "خلقنا" خبرا عن كل، ولا يمكن جعل الفعل وصفا.

(٤) أي انصب "كل" على أنه مفعول بفعل محذوف يفسره "خلقناه".

(٥) أي ومن أجل أن الصفة لا تعمل فيما قبلها، فلا تفسر عاملًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>