أي بأنه، ومن أن جاءكم، ولكيلا، وذلك إن قدرت "كي" مصدرية (١)، وأهمل النحويون هنا ذكر "كي"(٢)، واشترط ابن مالك في "أن" و"أن"، أمن اللبس (٣)، فمنع الحذف في نحو: رغبت في أن تفعل، أو عن أن تفعل، لإشكال المراد بعد الحذف (٤)، ويشكل عليه: ﴿وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ﴾، فحذف الجر، مع أن المفسرين اختلفوا في المراد (٥).
(١)" كي" المصدرية لا بد أن تسبقها لام الجر التي للتعليل، لفظا أو تقديرا.
(٢) أي مع تجويزهم أن تكون "كي" مصدرية واللام مقدرة قبلها في مثل: جئت كي تكرمني، أي لكي تكرمني.
(٣) وقد أشار لذلك في النظم كما سيأتي.
(٤) فإنه لا يتضح المراد بعد الحذف، ولا يدري أهو على "عن" أو"في"، والمعنيان مختلفان، وليست هنالك قرينة تزيل هذا اللبس.
(٥) أي: وكان اختلافهم بسبب اللبس، فبعضهم قدر "في" وبعضهم قدر "عن" واستدل كل على ما ذهب إليه، ويجيب الناظم بأن الحذف هنا لقرينة كانت عند النزول يفهم منها المراد، أو أن الحذف مقصود به الإبهام على السامع، ليرتدع بذلك من يرغب فيهن لجمالهن ومالهن، ومن يرغب عنهن لدمامتهن وفقرهن.
وقد أجاز بعض المفسرين التقديرين، وفيما سبق من حكم اللازم، يقول الناظم:
وعد لازما بحرف جر … وإن حذف فالنصب للمنجر
نقلا وفي "أن" و"أن يطرد … مع أمن لبس كعجبت أن يدوا
* "وعد" فعل أمر والفاعل أنت، "لازما" مفعوله به، "بحرف" بعد. "جر" مضاف إليه. "وإن"شرطية. "حذف" ماض للمجهول فعل الشرط، ونائب الفاعل يعود على حرف جر. "فالنصب للمنجر" مبتدأ وخبر، والفاء واقعة في جواب الشرط، "نقلا" حال من اسم مفعول مفهوم من حذف، أو مفعول مطلق، وفي "أن" جار ومجرور متعلق بيطرد. "وأن" معطوفة على أن، "يطرد" مضارع فاعله يعود إلى الحذف. "مع أنه لبس" ظرف متعلق بيطرد ومضاف إليه، "كعجبت" الكاف جارة لقول محذوف. "أن" مصدرية. "يدوا" مضارع منصوب بأن، وعلامة نصبه حذف النون، وواو الجماعة فاعل، وأن وما بعدها في تأويل مصدر مجرور بمن محذوفة.