فإن أعلمنا الأول في المتنازع فيه، أعملنا الأخير في ضميره (١)، نحو: قام وقعدا، أو: وضربتهما، أو مررت بهما، أخواك، وبعضهم يجيز حذف غير المرفوع؛ لأنه فضلة، كقوله:
بعكاظ يعشي الناظريـ … ـن إذا هم لمحوا شعاعه (٢)
الأقرب إلى المعمول، وهذا يرجح إلى رأي البصريين:
وفيما تقدم يقول الناظم:
إن عاملان اقتضيا في اسم عمل … قبل فللواحد منهما العمل
والثان أولى عند أهل البصرة … واختار عكسا غيرهم ذا أسره
أي إن وجد عاملان يتطلبان عملا في اسم ظاهر، وكانا قبله، فلواحد منهما العمل دون الآخر، وإعمال الثاني أولى عند البصريين لقربه، واختار غيرهم - وهم الكوفيون- العكس، وهوإعمال الأول لسبقه. ومعنى ذا أسرة: صاحب رابطة علمية قوية.
(١) سواء أكان مرفوعا، أم منصوبا، أم مجرورًا، وقد مثل المصنف لذلك، ولما كان المعمول المتناع فيه هو مرجع الضمير، كان لا بد من المطابقة بينهما مطابقة تامة، في الإفراد والتذكير، وفروعهما، وقبل هذا البيت.
سائل بنا في قومنا … وليكف من شر سماعه
قيسا وما جمعوا لنا … في مجمع باق شناعه
(٢) بيت من الكامل، لعاتكة بنت عبد الملطب عمة النبي، تصف سلاح قومها.
اللغة والإعراب: عكاظ: موضع بناحية مكة. كانت تقام فيه سوق للعرب في الجاهلية كل سنة، تمكث شهر ذي القعدة، يتبايعون فيه، ويناشدون الأشعار ويتفاخرون،
* "إن" شرطية. "عاملان" لمحذوف يفسره ما بعده. "اقتضيا" فعل وفاعل والجملة مفسرة، "في اسم" متعلق باقتضى، أو بعمل مقدم عليه. "عمل" مفعول به لاقتضى، ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة. "قبل" ظرف متعلق باقتضى، أو بمحذوف في محل نصب حال من عاملان، "فللواحد" الفاء للربط، والجار والمجرور خبر مقدم، "منهما" جار ومجرور حال من الواحد. "العمل" مبتدأ مؤخر، والجملة جواب الشرط، والثاني أولى" مبتدأ وخبر. "عند" ظرف متعلق بأولى، "أهل البصرة" مضاف إليه، "عكسا" مفعول اختار، "غيرهم" فاعله ومضاف إليه، "ذا" حال من غيرهم "أسرة" مضاف إليه، والأسرة بفتح الهمزة: الجماعة القوية.