إحداها: مصادر مسموعة (٢) كثر استعمالها، ودلت القرائن على عاملها، كقولهم عند تذكر نعمة وشدة: حمدًا وشكرا لا كفرا (٣)، وصبرا لا جزعًا (٤) وعند ظهور أمر معجب عجبًا (٥)، وعند خطاب مرضي عنه أو مغضوب عليه: أفعليه وكرامة ومسرة (٦)، ولا أفعله ولا كيدا ولا هما (٧).
الثانية: أن يكون تفصيلًا لعاقبة ما قبله (٨)، نحو: ﴿فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا
(١) هذا هو النوع الثاني المقابل لقوله سابقًا "واقع في الطلب"، والمراد بالخبر هنا: ما ليس بطلب فيشمل الإنشاء غير الطلبي، كصيغة التعجب، والمدح والذم، وجملة القسم -لا جملة الجواب، ومثل: حمدا وشكرا، وقد جعل النحاة ذلك من قسم الخبر، نظرا لصورة العامل ولفظه، وقيل: إنها أساليب خبرية لفظا ومعنى.
(٢) الأمثلة التي ذكرها المصنف، من الإنشاء غير الطلبي، الذي يراد به إقرار معنى ما، أو عدم إقراره من غير طلب شيء، وقد جرت هذه الأساليب مجرى الأمثال، ولذلك لا تغير كالأمثال، ويقتصر فيها على المسموع على الصحيح، ولا يقاس عليها، ووجوب حذف العامل فيها خاص باجتماعها، مراعاة للمأثور، وإلا لا يكون الحذف واجبًا.
(٣) وهذا من أمثلة سيبويه، والتقدير: أحمد الله حمدًا، وأشكره شكرا، لا أكفره كفرا، قيل: ولا يستعمل كفرا إلا مع حمدا وشكرا.
(٤) أي أصبر ولا أجزع.
(٥) أي أعجب عجبًا.
(٦) أي: وأكرمك كرامة، وأسرك مسرة، ولا تستعمل مسرة إلا بعد كرامة، وكرامة: اسم مصدر أكرم.
(٧) أي لا أكاد كيدا، ولا أهم همًا.
واختلف في "أكاد" هذه، فقيل تامة، والمعنى: ولا مقارب، وقيل ناقصة وخبرها محذوف، أي ولا أكاد أقارب الفعل.
(٨) أي أن يكون المصدر في موضع يوضح ويفصل عاقبة جملة قبله، أي يبين الغاية والغرض من مضمون الجملة قبله، وذلك يكون بوقوعه بعد أداة تفيد التفصيل.