للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قولهم: هو مني مقعد القابلة (١)، ومزجر الكلب، ومناط الثريا (٢)، فشاذ، إذ التقدير: هو مني مستقر في مقعد القابلة، فعامله الاستقرار (٣).

(١) القابلة: المرأة المولدة، وهذه كناية عن القرب، أي هو مني في القرب مقعد القابلة من النفساء.

(٢) هذا كناية عن البعد فيهما، أي هو في مكان بعيد عني كبعد مكان زجر الكلب عن زاجرة، وبعد مكان نوط الثريا، أي تعلقها من الناظر إليها، أو من الدبران، والأول المراد به الذم، والثاني من باب المدح.

(٣) أي ومادة الاستقرار ومخالفة لمادتي: مقعد، ومزجر، ومناط، وإنما استأثرت أسماء الزمان بصلاحية المبهم منها والمختص للظرفية دون أسماء المكان؛ لأن أصل العوامل الفعل، ودلالته على الزمان أقوى من دلالته على المكان؛ لأنه يدل على الزمان بصيغته، وعلى المكان بالالتزام؛ لأن كل حدث لا بد أن يقع في مكان، ولم ينصب المختص من الأمكنة على الظرفية؛ لأنه يلتبس بالمفعول به كثيرًا.

وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله:

وكل وقت قابل ذاك وما … يقبله المكان إلا مبهما

نحو الجهات والمقادير وما … صيغ من الفعل كمرمى من رمى

وشرط كون ذا مقيسا أن يقع … ظرفا لما في أصله معه اجتمع


* "وكل وقت قابل" مبتدأ ومضاف إليه وخبر، "ذاك" مفعول قابل؛ لأنه اسم فاعل وفاعله مستتر فيه، والكاف حرف خطاب، "وما" نافية، يقبله مضارع والهاء مفعوله، وهي عائدة على النصب المفهوم من الفعل. "المكان" فاعل يقبل، "إلا" أداة استثناء تدل على الحصر. "مبهما" حال من المكان، "نحو" خبر لمبتدأ محذوف أي وذلك نحو، "الجهات" مضاف إليه، "والمقادير" معطوف عليه. و"ما" اسم موصول معطوف على الجهات. "صيغ من الفعل" الجملة من الفعل المبني للمجهول ونائب الفاعل صلة ما، "كمرمى": خبر لمبتدأ محذوف، "من رمى" متعلق بمحذوف حال من مرمى، والتقدير وذلك كمرمى حال كونه مشتقا من رمى، "وشرط" مبتدأ، "كون" مضاف إليه. "ذا" مضاف إليه من إضافة المصدر إلى اسم الكون، وهو إشارة إلى المأخوذة من مصدر الفعل. "مقيسا" خبر الكون باعتبار النقص، "أن يقع" في تأويل خبر المبتدأ، وفاعل يقع يعود إلى ذا. "ظرفا" حال من فاعل يقع، "لما" متعلق بظرفا، أو بمحذوف صفة له، "في أصله معه" جار ومجرور وظرف متعلقان باجتمع، وجملة "اجتمع" صلة ما.
أي أن كل وقت -أي ظرف الزمان- يقبل النصب على الظرفية، مبهما كان أم مختصًا، أما ظرف المكان فلا يقبل النصب منه إلا المبهم، كالجهات الست، وأسماء المقادير، وما اشتق من المصدر بالشرط الذي ذكره وهو أن يقع ظرفا لما اجتمع معه في أصله، أي ينتصب بما يجامعه في الاشتقاق من أصل واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>