وفي النوع الثاني (١) اختلفوا: فقيل الحكم كذلك، وإن الجميع مستثنى من أصل العدد (٢)، وقال البصريون والكسائي: كل من الأعداد مستثنى مما يليه (٣)، وهو الصحيح؛ لأن الحمل على الأقرب متعين عند التردد، وقيل: المذهبان محتملان.
وعلى هذا: فالمقر به في المثال الأول، ثلاثة على القول الأول، وسبعة على القول الثاني، ومحتمل لهما على الثالث، ولك في معرفة المتحصل على القول الثاني طريقتان:
إحداهما: أن تسقط الأول، وتجيز الباقي بالثاني، وتسقط الثالث، وإن كان معك
وانصب لتأخير وجئ بواحد … منها كما لو كان دون زائد
كلم يفوا إلا امرؤ إلا علي … وحكمها في القصد حكم الأول
أي انصب المستثنيات كلها في حالة التأخير، وإن كان الكلام موجبا، فإن كان تاما غير موجب، عومل واحد منها بما كان يستحقه لو لم تتكرر "إلا"، فيبدل مما قبله وهو المختار، أو ينصب على قلة، كالمثال الذي ذكره، فيجوز في "علي" الرفع على البدلية من "امرؤ، والنصب على الاستثناء، وما يتكرر من المستثنيات حكمه في المعنى حكم الأول، فيثبت له ما يثبت للأول من الدخول إن كان الكلام منفيا، أو الخروج إن كان موجبا كما أوضح المصنف.
(١) وهو ما يمكن استثناء من بعض.
(٢) أي من العدد الأول.
(٣) أي من الذي قبله، والذي قبله مستثنى من الذي قبله، وهكذا … إلى الأول.
* "لتأخير" متعلق بانصب، "منها" متعلق بمحذوف نعت لواحد "كما" الكاف جارة، وما زائدة، "لو" مصدرية أو العكس، "كان" تامة، وفاعلها يعود على واحد. "دون" ظرف متعلق بمحذوف حال من فاعل كان، "زائد" مضاف إليه، و"لو" ومدخولها في تأويل مصدر مجرور بالكاف، والجار والمجرور خبر لمبتدأ محذوف. "كلم" الكاف جارة لقول محذوف، و"لم" نافية جازمة، "يفوا" مضارع مجزوم وواو الجماعة فاعل، "إلا"حرف استثناء. "امرؤ" بدل من الواو، بدل بعض من كل، "إلا" الثانية حرف استثناء، "على" مستثنى منصوب، وقد وقف عليه بالسكون على لغة ربيعة. "وحكمها" مبتدأ والضمير للمستثنيات مضاف إليه، "في القصد" متعلق به. "حكم الأول" خبر المبتدأ ومضاف إليه.