ومع كثرة ذلك، فقال الجمهور: لا ينقاس مطلقًا، وقاسه المبرد فيما كان نوعا من العامل (١)، فأجاز:"جاء زيد سرعة"، ومنع:"جاء زيد ضحكا"، وقاسه الناظم وابنه بعد "أما" نحو (٢): أما علماء فعالم، أي مهما يذكر شخص في حال علم، فالمذكور عالم (٣)، وبعد خبر شبه به مبتدؤه، كـ"زيد زهير شعرًا"(٤)، … ... … ...
المضاف ناب عنه المضاف إليه في الحالية، أي ذا بغتة وذا ركض، وذا صبر، وقيل: هي مصادر على حذف مصادر، أي طلوع بغتة، ومجيء ركض، وقتل صبر. وقد أشار الناظم إلى ما تقدم بقوله:
ومصدر منكر حالا يقع … بكثرة كبغتة زيد طلع
أي يقع المصدر النكرة حالا بكثرة، وذلك على خلاف الأصل؛ لأن الحال وصف يدل على معنى صاحبه، والمصدر لا دلالة له على صاحب المعنى، وذلك مثل: زيد طلع بغتة، فبغتة مصدر نكرة وهو منصوب على الحال على النحو الذي فصل، والذي سهل هذه المخالفة: الحمل على الإخبارية في مثل: محمد عدل، والنعت كذلك، مثل: هذا ماء غور.
(١) أي مما يدل عليه عامه، فالسرعة في المثال نوع من المجيء.
(٢) أي من كل تركيب وقع فيه الحال بعد، "أما" الشرطية، في مقام قصد فيه الرد على من وصف شخصا بوصفين، وأنت تعتقد اتصافه بأحدهما دون الآخر.
(٣) ناصب الحال في هذا: فعل الشرط المحذوف، وهو "يذكر"، وصاحبها: المرفوع وهو نائب فاعل، ويجوز أن يكون ناصبها ما بعد الفاء، وصاحبها الضمير المستكين فيه، وهي على هذا مؤكدة، والتقدير: مهما يكن من شيء فالمذكور، عالم في حال علم، ويتعين الوجه الأول إذا كان ما بعد الفاء لا يعمل فيما قبلها.
(٤) فشعرًا -بمعنى شاعرًا- حال، والعامل فيه زهير لتأوله بمشتق؛ لأن معناه ميجد، وصاحب الحال ضمير مستتر فيه، ويجوز أن يعرب "شعرًا" تمييزا مفسرا المثل المحذوفة، أي مثل زهير من جهة الشعر، وهي العاملة في التمييز، ومثله: أنت حاتم جودًا، والأحنف حلما،
* "ومصدر" مبتدأ. "منكر" صفة. "حالا" حال من فاعل يقع، وجملة "يقع" خبر المبتدأ، وفاعل "يقع" يعود على المصدر المنكر، "بكثرة" متعلق بيقع. "كبغتة" الكاف جارة لقول محذوف، و"بغتة" حال من فاعل طلع، "زيد" مبتدأ، "طلع" الجملة خبر.