غير زائد؛ كمررت بهند جالسة (١)، وخالف في هذه الفارسي وابن جني وابن كيسان؛ فأجازوا التقديم (٢)، قال الناظم: وهو الصحيح؛ لوروده؛ كقوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ﴾ (٣). وقول الشاعر:
تسليت طرًا عنكم بعد بينكم (٤)
(١)" جالسة" حال من "هند" المجرورة بحرف الجر، ولا يجوز تقديمها على "بهند" وعلة لك كما قالوا: ان تعلق العامل بالحال تابع لتعلقه بصاحبه، فحقه إذا تعدي لصاحبه بواسطة أن يتعدى إلى الحال بتلك الواسطة، ولما كان الفعل لا يتعدى بحرف واحد مع التصريح به إلى شيئين استعاضوا عن ذلك بالتزام تأخير الحال؛ ليكون في حيز الجار.
(٢) حجتهم: أن المجرور بالحرف، مفعول به في المعنى، وتقديم حال المفعول به عليه غير ممنوع، فكذلك هنا.
(٣)"كافة" -بمعنى جميعا- حال من المجرور وهو الناس، وقد تقدم عليه.
(٤) صدر بيته من الطويل، لم ينسب لقائل، وعجزه:
بذكراكموا حتى كأنكم عندي
اللغة والإعراب: تسليت: تصبرت وتكلفت السلوان. طرا: أي جميعا. بينكم: فراقكم وبعدكم، "طرا" حال من الضمير المجرور بعن في "عنكم" وقد تقدم عليه. ولا تأتي "طرا". إلا حالا. "عنكم" متعلق بتسليت، "بعد" ظرف تعلق بتسليت أيضًا وهو مضاف إلى "بينكم، بذكراكموا" متعلق بتسليت كذلك. "حتى" ابتدائية، "عندي" ظرف متعلق بمحذوف خبر كأن.
المعنى: تسليت وشغلت نفسي عنكم جميعا بعد بعدكم عني بذكراكم الطيبة التي لا تنسى، وكنتم بذلك كأنكم ماثلون أمامي ولم تفارقوني.
الشاهد: وقوع "طرا" حال من كان المخاطب في "عنكم"، وهي مجرورة محلا بعن، وقد تقدم الحال على صاحبه المجرور، وذلك جائز في السعة، عند الفارسي ومن تبعه، وأيده الناظم. أما الجمهور فلا يجيزون ذلك. وقد أوضح المصنف رأيهم فيما ورد، وفي هذا يقول الناظم.