والحق أن البيت ضرورة، وأن "كافة" حال من الكاف، والتاء للمبالغة (١)، لا للتأنيث، ويلزمه تقديم الحال المحصورة، وتعدي "أرسل" باللام؛ والأول ممتنع، والثاني خلاف الأكثر (٢).
وإما بإضافة (٣)، كأعجبني وجهها مسفرة.
وإنما تجيء الحال من المضاف إليه: إذا كان المضاف بعضه، كهذا المثال، وكقوله تعالى: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا﴾ (٤)، ﴿أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ
وسبق حال ما بحرف جر قد … أبوا ولا أمنعه فقد ورد
أي أن النحاة أبوا ولم يجيزوا أن يتقدم الحال على صاحبها المجرور، بحرف جبر، يقول الناظم، ولا أمنع ذلك، فقد ورد في الكلام الفصيح، وقد بينا حجة كل.
وهذا الخلاف فيما إذا كان صاحب الحال مجرورا بحرف جر أصلي، فإذا كان مجرورا بحرف جر زائد، فلا خلاف في جواز التقديم؛ تقول: من جاءني راكبًا من أحد.
(١) ويكون المعنى: إلا شديد الكف للناس؛ أي المنع لهم من الشرك ونحوه، قيل: ولا تستعمل "كافة" إلا حالا، وغلط من يقول: ولكافة المسلمين، مثلا.
(٢) فإن الأكثر والغالب تعدينه بإلى.
(٣) أي بأن كان صاحب الحال مضافا إليه؛ فلا يجوز حينئذ تقديم الحال على صاحبها؛ لئلا تكون فاصلة بين المضاف والمضاف إليه وهما كالشيء الواحد، وكذلك لا يجوز -على الصحيح- تقديمها على المضاف؛ لأن المضاف مع المضاف إليه كالصلة مع الموصول؛ فكما لا يتقدم ما يتعلق بالصلة على موصولها، كذلك لا يتقدم ما يتعلق بالمضاف إليه على المضاف.
هذا: وإذا كانت الإضافة محضة لزم تأخير الحال باتفاق. وإن كانت غير محضة؛ نحو: هذا شارب السويق ملتوتا الآن أو غدا، جاز التقديم عند الناظم، وأنكره ابنه.
(٤) "إخوانا" حال من المضاف إليه وهو "هم"، والصدور بعضه.
* "وسبق" مفعول مقدم لأبوا، "حال" مضاف إليه من إضافة المصدر لفاعله. "ما" اسم موصول مفعول للمصدر، "بحرف" متعلق بقوله. "جر" الواقع صلة لما "قد" للتحقيق. "أبوا" فعل وفاعل. "ولا" نافة "أمنعه" مضارع مرفوع، والهاء مفعول عائدة على سبق. "فقد" الفاء للتعليل.