وإذا لم تفارق الميم "الفم" أعرب بالحركات الثلاث (١).
فصل: والأفصح في "الهن" النقص؛ أي: حذف اللام (٢)؛ فيعرب بالحركات (٣)، ومنه الحديث:"من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا"(٤). ويجوز النقص في الأب، والأخ، والحم. ومنه قوله:
بأبه اقتدى عدي في الكرم … ومن يشابه أبه فما ظلم (٥)
(١) سواء كانت مفردة أو مضافة، تقول: محمد أطيب الناس فمًا. ومنه قوله ﵇:"لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" والخلوف: التغير. يقال: خلف فم الصائم، تغيرت رائحته. وخلف اللبن والطعام، إذا تغير طعمه أو ريحه وما به دخل.
(٢) أي: الواو منه.
(٣) أي: الظاهرة على النون، فتقول: هذا هنك -ورأيت هنك- ونظرت إلى هنك.
(٤) تعزى: انتسب وانتمى. عزاء الجاهلية: هو أن يقول الشخص: يا لفلان ليخرج الناس معه إلى القتال بغير حق. فأعضوه: فعل أمر من الثلاثي المزيد، وهمزته همزة قطع؛ أي: قولوا له: اعضض وتمسك بهن أبيك؛ أي: بذكره؛ الذي انتسبت إليه، وذلك استهزاء به ولا تكنوا: لا تذكروا كناية الذكر؛ وهو الهن، بل اذكروا له الاسم الصريح.
الشاهد: استعمال الهن منقوصًا معربًا بالحركات الظاهرة.
(٥) بيت من الرجز، ينسب لرؤبة بن العجاج، يمدح عدي بن حاتم الطائي.
اللغة والإعراب: اقتدى به: اتبعه وجعله إمامه وقدوة له. فما ظلم، أي: ما ظلم أمه باتهامها فيه؛ لأنه جاء على مثال أبيه. "بأبه" جار ومجرور متعلق باقتدى، وهو مضاف إلى الضمير. "عدي" فاعل اقتدى. "ومن" اسم شرط جازم مبتدأ. "يشابه" الجملة فعل الشرط. "أبه" مفعول منصوب بالفتحة مضاف إلى الهاء. "فما ظلم" الفاء واقعة في جواب الشرط، و"ما" نافية، وسكن ظلم للقافية، وجملة الشرط وجوابه خبر المبتدأ.
المعنى: أن عديا اقتدى بأبيه حاتم، وسلك طريقه في الجود والكرم، فدل بذلك على أنه ابنه حقيقة، وكل من يشبه أباه يحسن إلى أمه ولا يظلمها باتهامها فيه. وقيل: معنى ما ظلم، أي: ما ظلم أباه بتضييع صفته وشبهه.
الشاهد: استعمال "أب" منقوصًا مجرورًا بالكسرة الظاهرة في "بأبه" ومنصوبًا بالفتحة في "أبه" مع أنهما مضافان إلى ضمير الغائب. وهذه لغة تميم وتسمى لغة النقص.