للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: الحال ضربان (١):

مؤسسة: وهي التي لا يستفاد معناها بدونها؛ كجاء زيد راكبا، وقد مضت.

ومؤكدة: إما لعاملها (٢) لفظا ومعنى؛ نحو: ﴿وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا﴾ (٣)،

وقوله:

أصخ مصيخا لمن أبدى نصيحته (٤)

أو معنى فقط؛ نحو: ﴿فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا﴾، ﴿وَلَّى مُدْبِرًا﴾ (٥).

(١) تقسيم الحال إلى مؤسسة ومؤكدة هو مذهب الجمهور، وذهب الفراء والمبرد إلى أن الحال لا تكون إلا مؤسسة، وتأولوا الأمثلة التي ساقها الجمهور.

(٢) وهي: كل وصف دل على معنى عامله؛ سواء وافقه في اللفظ، أو خالفه.

(٣) "رسولا" من الكاف، وهي مؤكدة لأرسلناك، وموافقة لها لفظا ومعنى، ويؤوله الفراء والمبرد بمعنى "أوجدناك".

(٤) صدر بيت من البسيط، لم يعين قائله، وعجزه.

والزم توقي خلط الجد باللعب

اللغة والإعراب: أصخ: استمع؛ وهو أمر من الإصاخة، بمعنى الاستماع. أبدى: أظهر وأعلن. نصيحته؛ النصيحة: الإرشاد إلى الخبر، توقي: مصدر توقي الأمر؛ إذا تحفظ الوقوع فيه وتحرز عن إتيانه. "مصيخا" اسم فاعل حال من فاعل أصخ. "لمن" متعلق بأصخ، ومن اسم موصول. "أبدى نصيحته" الجملة صلة من. "توقي" مفعول الزم. "خلط" مضاف إليه. "الجد" مضاف إليه لخط؛ من إضافة المصدر لمفعوله.

المعنى: استمع وأحسن الاستماع والإنصات لمن ينصحك بإخلاص، ولا تهمل النصيحة، والتزم وقاية نفسك، وحفظها من خلط الجد والاجتهاد، بالله والعبث.

الشاهد: في "مصيخًا"؛ فإنه حال مؤكدة من ضمير "أصخ"، وهي موافقة لهذا العامل لفظا ومعنى، ويؤوله الفراء والمبرد على أن "أصخ" بمعنى استمع، و"مصيخا" بمعنى: مستمعا في انتباه وحرص.

(٥) "ضاحكا" حال من فاعل تبسم، و"مدبرا" حال من فاعل ولي. وهما مؤكدان للعامل في المعنى؛ لأن التبسم نوع من الضحك، والإدبار نوع من التولي.

ويجمع الوعين قول الناظم:

وعامل الحال بها قد أكدا … في نحو "لا تعث في الأرض مفسدا

أي أن الحال قد تؤكد عاملها؛ إما لفظا ومعنى، أو معنى فقط على النحو الذي سلف، وهذا المثال للمؤكدة معنى؛ لأن معنى الإفساد هو العثي.

<<  <  ج: ص:  >  >>