فإنهما وإن كان على معنى "من" لكنها ليست للبيان؛ بل هي في الأول للاستغراق، وفي الثاني للابتداء (٢).
وحكم التمييز النصب. والناصب لمبين الاسم هو ذلك الاسم المبهم (٣)؛ كعشرين درهما. والناصب لمبين النسبة المسند من فعل أو شبهه (٤)؛ كطاب نفسًا، وهو طيب
(١) صدر بيت من البسيط، لم نقف على قائله، وعجزه:
رب العباد إليه الوجه والعمل
اللغة والإعراب: أستغفر: أطلب المغفرة. محصيه: ضابطا عدده، الوجه: القصد والتوجه، "ذنبا" مفعول ثان لأستغفر، أو منصوب على نزع الخافض؛ على تضمين أستغفر معنى استنيب. "لست محصيه" الجملة من ليس واسمها وخبرها صفة لـ"ذنبا"، "رب العباد" بدل من لفظ الجلالة، ومضاف إليه. "إليه" خبر مقدم. "الوجه" مبتدأ مؤخر. "والعمل" معطوف على الوجه.
المعنى: أطلب المغفرة والعفو من الله، على ذنوبي الكثيرة التي لا أحصيها؛ فهو رب الخلق جميعا، وإليه الالتجاء في كل شيء، وله يكون العمل والسعي.
الشاهد: في "ذنبا" فإنه ليس بتمييز؛ لأنه وإن كان على معنى "من"، إلا أنها ليست للبيان؛ فهو ليس مبينا لإبهام اسم قبله، أو لنسبة في جملة.
(٢) كأنه أراد استغفار يبتدئ من أول الذنوب إلى ما لا نهاية، وقيل:"من" هنا للتعليل، وهو أظهر.
(٣) أي الذي جاء التمييز لإيضاحة وإزالة الغموض عنه، وإنما عمل مع جموده؛ لشبهه باسم الفاعل؛ في الاسمية، وطلب المعمول في المعنى، ووجود ما به تمام الاسم؛ وهو النون والتنوين؛ فإن "عشرين درهما" -مثلًا- شبيه بضاربين محمدًا، ورطل زيتا شبيها بضارب عليا.
(٤) وهو الوصف كما مثل المصنف. وقيل: الناصب له الجملة التي يوضح النسبة فيها؛ لأنه قد لا يكون في الجملة فعل أو وصف؛ نحو: هذا أخوك إخلاصا، أو أبوك عطفا. فالقول بأن ناصبه الجملة مطرد.