للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثلاثة شاذة:

أحدها: "متى" في لغة هذيل (١)، وهي بمعنى "من" الابتدائية (٢). سمع من بعضهم أخرجها متى كمه (٣)، وقال:

متى لجج خضر لهن نئيج (٤)

(١) من القبائل العربية القحطانية التي عنها أخذ اللسان العربي. وكان فيها شعراء كثيرون مشهورون؛ منهم: أبو ذؤيب الهذلي.

(٢) قال في الهمع: "وتأتي اسما بمعنى "وسط" حكى، و"ضعها متى كمه"؛ أي وسطه وهي حينئذ مبنية؛ لمشابهتها الحرفية.

(٣) أي من كمه.

(٤) عجز بيت من الطويل، لأبي ذؤيب الهذلي يصف سحابا، وصدره:

شربن بماء البحر ثم ترفعت

اللغة والإعراب: شربن، المراد: حملن الماء، والضمير للسحاب، ترفعت: ارتفعت وتصعدت، لجج: جمع لجة؛ وهي معظم الماء، نئيج: مر سريع بصوت، "شربن" فعل ماض، ونون النسوة فاعل، وقد ضمن معنى تروين. فعداه بالباء، أو الباء بمعنى. "من".

"متى" حرف جر أصلي بمعنى "من" لجج "مجرور بها على لغة هذيل، والجار والمجرور متعلق بشربن. "خضر" نعت لجج، "لهن نئيج" مبتدأ وخبر، والجملة صفة للجج، أوحال من النون في شربن، على زعم العرب.

المعنى: هذا البيت يعبر عما كان العرب يعتقدون؛ من أن للسحب شبه خراطيم، تدنو من البحر الملح في بعض الأماكن، فتأخذ من مائه ما شاءت ثم تصعد إلى الجو سريعا ولها دوي، فيعذب هذا الماء وينتقل ثم ينزل إلى حيث يشاء الله مطرا. ونستطيع أن نفسر هذا الاعتقاد الساذج بما يتفق مع ما قرره العلم اليوم، وهو أنه كناية عن تصعد ماء البحار بوساطة حرارة الشمس، وتنقله من جهة إلى أخرى بالهواء، حتى يرتفع إلى حيث يشاء الله، ويكون سحبا تنزل بعد مطرا.

الشاهد: استعمال "متى" بمعنى "من" على لغة هذيل، وجرها "لجج".

<<  <  ج: ص:  >  >>